سياحة و سفر

التسويق السياحي: أهميته وخصائصه


السياحة هي النافذة التي تطل على ثقافات الشعوب وتاريخها وجغرافيتها، وبناءً على ذلك أصبحت السياحة من النشاطات التي تحظى باهتمام الدول كافة؛ إذ تسعى إلى تنمية نشاطاتها السياحية وزيادة قدرة منشآتها السياحية على المنافسة، وذلك باستخدام مجموعة من الأدوات لعلَّ التسويق السياحي أشهرها.

التسويق السياحي من النشاطات الفنية والإدارية التي تمارسها المؤسسات السياحية والتي تستطيع من خلالها تهيئة الظروف لجذب أكبر الأفواج من السياح والحصول على مستويات عالية من الدخل السياحي، فالسياحة تؤدي دوراً حيوياً ومحورياً في تحسين الأداء الاقتصادي من خلال ما تحصله من العملات الصعبة، وهذا يعطي دفعة قوية للتنمية المحلية.

التسويق السياحي:

قبل الحديث عن التسويق السياحي ومفهومه ينبغي التذكير بمعنى السياحة التي ترتبط بعدد كبير من النشاطات، مثل السفر والطعام والإيواء وجغرافيا الدول والعوامل الاجتماعية والثقافية، إضافة إلى تعدُّد أهدافها، فمنها السياحة الترفيهية والسياحة العلاجية والسياحة البيئية والسياحة الدينية والسياحة الرياضية والسياحة الإلكترونية وغير ذلك.

عموماً يمكن القول إنَّ أقرب تعريف للسياحة وأكثرها وضوحاً هو تعريف الألماني “جون بير فرديلر” (Jean pierre Fridler)؛ إذ قال: إنَّ السياحة هي “ظاهرة من ظواهر عصرنا تنبثق من الحاجة المتزايدة إلى الراحة وإلى تغيُّر الهواء والإحساس بجمال الطبيعة وإلى الشعور بالبهجة والمتعة من الإقامة في مناطق لها طبيعتها الخاصة، وأيضاً إلى نمو الاتصالات على الأخص بين شعوب مختلفة من الجماعات الإنسانية وهي الاتصالات التي كانت ثمرة لاتساع نطاق التجارة والصناعة”.

يرى “ماتيو” (Mathiot) بأنَّ السياحة هي عملية تنظيمية تضم جميع المبادئ أو القواعد التي تنظم بمقتضاها رحلات الترويج أو الفائدة سواء ما كان منها متعلقاً بما يقوم به المسافرون أم السياح شخصياً، وما كان منها متعلقاً بما يقوم به أولئك الذين يقومون باستقبالهم وتسهيل انتقالهم.

أما التسويق السياحي فهو “العملية الإدارية والفنية التي يمكن من خلالها لمنظمة السياحة الرسمية أو المنشأة السياحية أن تحدد الأسواق المختارة الحالية والمحتملة، وأن تبني نظام اتصال مع هذه الأسواق والتأثير في رغبات واحتياجات ودوافع السياح محلياً وعالمياً وأن تلائم بين هذا المنتج السياحي وبين هذه الرغبات والدوافع بقصد الوصول إلى أقصى مستويات الإشباع لهذه الرغبات والدوافع، ومن ثمَّ تحقيق أهدافها”.

عرَّف (Bartles) المتخصص في مجال التسويق السياحي بأنَّه عملية موجهة نحو السائحين وتهدف إلى تأمين وتلبية احتياجاتهم الاستهلاكية؛ وذلك من خلال القنوات التوزيعية المختلفة التي تتفاعل مع السائحين تحت ضغوطات البيئة الخارجية التي تتم فيها، مثل القيود الاقتصادية والتكنولوجية والأخلاقية والاجتماعية التي تهدف إلى تسهيل تدفق المبادلات إلى السوق المستهدفة وبما ينعكس على تحسين عملية التبادل والاستهلاك.

إذاً يمكن الوصول إلى نتيجة من خلال التعريف السابق للتسويق السياحي والقول إنَّه يرتكز على ثلاث ركائز أساسية هي حاجات ورغبات السائحين الحاليين والمستقبلين، ووجود تنوع في الحاجات والرغبات من حيث السعر والنوعية ووسائل التسويق، وتكاثف الجهود بدءاً من السفارات وانتهاءً بسائق التاكسي وعاملي الفنادق والمطاعم.

ما هو الهدف الذي يمكن تحقيقه من التسويق السياحي؟

  • تحقيق رضا الزبائن من خلال إشباع رغباتهم وحاجاتهم.
  • جذب المزيد من السياح وتنشيط الحركة السياحية التي ينتج عنها زيادة في أرباح القطاع السياحي، الذي يؤثر بدوره في الناتج المحلي الإجمالي والنمو الاقتصادي للبلد.
  • التخفيف من البطالة ومحاربتها والاستغلال الأمثل للموارد البشرية المتاحة.
  • تحسين مستوى الخدمات السياحية وإعطاء الصورة الجميلة عن الوجهة السياحية، من خلال عناصر الترويج المختلفة.
  • العمل بهدف التفوق والتغلب على المنافسين في الأسواق السياحية المختلفة، إضافة إلى الوجود الدائم في الأسواق العالمية.
  • تعزيز حضور البلاد على خريطة العالم، من خلال حضور المهرجانات والمعارض المحلية والإقليمية والعالمية.
  • عقد المؤتمرات والندوات وإصدار المطبوعات الخاصة بتنشيط حركة السياحة.

أهمية التسويق السياحي:

تبدو أهمية التسويق السياحي واضحة في التخطيط للمنتجات السياحية وتحديد أسعارها، كما يسهم التسويق السياحي في إدارة نظام المعلومات التسويقية بناءً على دراسة شاملة لرغبات وحاجات السائح، إضافة إلى ذلك يساهم التسويق السياحي في زيادة تنافسية المنظمة.

لأنَّ السياحة هي أهم روافد الدخل الوطني؛ فالتسويق يسهم في رفع مداخيل القطاع السياحي ويؤثر في الصناعات الأخرى التي ترتبط بالسياحة بشكل أو بآخر، مثل الصناعات التقليدية والحرفية، أما بالنسبة إلى العمل فالتسويق السياحي سبب مباشر في تأمين فرص العمل للعاملين في القطاع السياحي، كما يُعَدُّ من أسباب تحسين علاقات المجتمع مع المجتمعات الأخرى.

خصائص التسويق السياحي:

  • يعمل التسويق السياحي على إثارة الدوافع لدى العملاء “السائحين” بهدف تشجيعهم على زيارة مكان أو منطقة معينة أو دولة محددة.
  • يعتمد التسويق السياحي على العرض السياحي قليل المرونة الذي يصعب تغييره على الأمد القصير.
  • التسويق السياحي جامد بحيث يعتمد على المقومات والخدمات السياحية التي لا يمكن نقلها من مكان لآخر.
  • منفعة الحيازة مفقودة، فالسلع السياحية لا تخضع لحيازة شخص بعينه ولا يمكن نقلها للأشخاص لقاء ما يمكن أن يدفعه من مال، فمثلاً لا يمكن للسائح شراء مكان تراثي أعجبه، بخلاف ما يحدث في أنواع أخرى من التسويق مثل التسويق السلعي الذي يحقق مبدأ الحيازة؛ بحيث يتمكن السائح من شراء كل ما قد يعجبه والاحتفاظ به.
  • يقوم التسويق السياحي على إبراز الوجه المشرق والصورة السياحية للدولة والتركيز على معالمها ومناطقها السياحية الأثرية منها والطبيعية، والهدف من ذلك هو زيادة وتنشيط الحركة السياحية، فتلجأ إلى استخدام مجموعة من الأدوات مثل الدعاية والإعلان.
  • التسويق السياحي غير مرتبط بزمان محدد، فالمقومات السياحية موجودة في الدولة في كل زمان وأي وقت من أوقات خلال السنة.
  • يقوم التسويق السياحي على العلاقة المباشرة بين مقدم الخدمة ومتلقيها؛ بحيث يتطلب حضور العميل شخصياً وتعامله مع المنتج أو مقدم الخدمة مباشرة.

شاهد بالفديو: أجمل المناطق السياحيّة في تركيا

 

أهمية تدريب العاملين في القطاع السياحي لرفع كفاءة التسويق السياحي:

إحدى أهم مهام مديري المنشآت السياحية هي إدارة العاملين وتدريبهم والإشراف عليهم، فالتدريب في المنشآت السياحية هو نشاط يتم بهدف تزويد عمال المنشأة بالمعارف والمهارات اللازمة لتنميتهم ورفع مستوى أدائهم وتغيير اتجاهاتهم وسلوكاتهم.

كما يعالج نقاط الضعف في الأداء، وهذا ينعكس انعكاساً إيجابياً على الإنتاجية الكلية للمنشأة السياحية، من حيث توفير التكاليف وتحقيق رضى الضيوف وتخفيض معدلات الغياب، كما يساهم التدريب في حل مشكلات المنشأة والمشاركة في اتخاذ قراراتها والانفتاح على المجتمع الخارجي وإنشاء الاتجاهات الإيجابية نحوها عموماً.

ينطلق التدريب بهدف رفع كفاءة التسويق السياحي من مجموعة من المبادئ هي:

  • الشرعية: بحيث يتم التدريب وفقاً للقوانين المعمول بها.
  • الهدف: أن يكون الهدف من التجريب واضحاً وواقعياً ومحدداً بموضوع وزمان ومكان.
  • الشمول: يجب أن يتم التدريب على كافة المستويات التنظيمية.
  • الواقعية: بحيث يبدأ بعلاج المشكلات الموجودة، ومن ثم ينتقل إلى التخطيط للمجالات المستقبلية والأكثر تعقيداً.
  • المرونة: يجب أن يتماشى التدريب مع ما يحدث على الساحة من مستجدات وتطورات في الأساليب والوسائل.

توجد مجموعة كبيرة ومتنوعة من أساليب التدريب التي تُتبع في المنشآت السياحية، والتي تهدف إلى رفع كفاءة التسويق السياحي عامة وأهمها:

1. التدريب في أثناء العمل:

هو أكثر أساليب التدريب شيوعاً؛ إذ يتلقى العامل الملاحظات والتعليمات في أثناء قيامه بمهام وظيفته ويزوَّد بالتغذية الراجعة على الفور، ومن مزاياه محدودية كلفته وسهولة تطبيقه.

2. التلمذة الصناعية:

يهدف هذا التدريب إلى إعداد الفرد في مهارة محددة؛ إذ يتضمن التدريب جزأين؛ جزء نظري وآخر عملي لفترة محددة، ويسمى أيضاً هذا النوع بالتدريب المهني.

3. التدوير الوظيفي:

هو عبارة عن انتقال العاملين بين وظائف مختلفة، وهذا يتيح لهم التدرب على أنواع مختلفة من الأعمال، ويُعَدُّ المعيار الأساسي هنا هو حجم المعارف المكتسبة وليس الوقت الذي يقضيه المتدرب في ممارسة المهام، ومن أهم مزايا هذا الأسلوب إيجاد أفراد مناسبين من ذوي الاختصاص للعمل.

4. التدريب في بيئة مماثلة للعمل:

وفقاً لهذا الأسلوب يتم التدريب في مكان مجهز بكافة أنواع الوسائل والمستلزمات المشابهة لمكان العمل الأصلي.

5. التدريب خارج مواقع الوظيفة:

إذ يتم إرسال العاملين إلى التدرب في أماكن بعيدة عن عملهم الحالي عندما يجب الحصول على مستوى متقدم من المهارات لا يمكن أن تتوفر من خلال التدريب الداخلي.

في الختام:

إنَّ التوجهات العالمية للاستثمار في قطاع السياحة جعلت الدول تعي أهمية هذا الاستثمار وضرورة استغلال الفرص المتاحة أمامها للحصول على الإيرادات لتدعم بها اقتصادها وتنفذ مشاريع التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ويُعَدُّ التسويق السياحي من الاستراتيجيات الناجحة في دعم سياسية الترويج للسياحة؛ إذ يتيح الفرصة للاستفادة من المقومات والإمكانات السياحية الموجودة ضمن أي بلد، فتطور الحركة السياحية ضمن البلد يؤثر في باقي القطاعات الأخرى ويقوم بتنشيطها ونموها عامةً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى