سياحة و سفر

السفر في زمن الكوفيد


ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة تاليا ميرون شاتز (Talya Miron-Shatz)، وتُحدِّثنا فيه عن جائحة كوفيد (Covid) والسفر فيه.

ومع ذلك؛ فإنَّ الهروب من كلِّ هذه الأمور كان حاجة بشرية وحاجة اقتصادية؛ إذ حثت رابطة السفر الأمريكية (U.S. Travel Association) في بيان صحفي الناس جميعهم على التطعيم من أجل حمايتهم، ومساعدتهم على الشفاء التام من كوفيد، فلماذا بقي الناس على الرَّغم من ذلك بمن فيهم المطعَّمون كاملاً في أماكنهم، ولم يرغبوا في السفر كما كانوا سابقاً؟

أنا ألقي اللوم على مصطلح العجز المكتسب الذي صاغه عالِم النفس مارتن سليجمان (Martin Seligman) بعد أن لاحظ أنَّ: “الأحداث التي لا يمكن السيطرة عليها، يمكن أن تضعِف الكائنات الحية جداً؛ فهي تنتج السلبية في مواجهة الصدمات، وعدم القدرة على معرفة أنَّ الاستجابة فعَّالة وتؤدِّي إلى الاكتئاب”.

لقد بقينا في منازلنا لقرابة العام في حينه، وتعلمنا عبر الإنترنت، وارتدينا الأقنعة خارج المنزل، ولم يتوقف كوفيد على الإطلاق، ولا عجب أنَّنا تخلينا عن كثير من الأشياء التي كان ما يزال بإمكاننا القيام بها، وبقينا عاجزين تماماً.

بالنسبة لي بصفتي شخصاً متخصِّصاً في علم النفس والاقتصاديات السلوكية، سويت مسألة السفر بأربعة أسئلة؛ فأُجيب عن أول سؤالين بالبيانات والحقائق والأرقام، لكنَّ السؤالين المتبقيين أُجيب عنهما بالعاطفة فقط.

السفر وعوامل الأمان:

كان لدي سؤال عما إذا كان الطيران إلى أيِّ مكان هو أمرٌ محتمل؟

كان بإمكان الشخص الذهاب إلى أيِّ مكان يريده طالما أنَّ الطائرات كانت تعمل، وطالما أنَّ الدول الأجنبية كانت تسمح بدخول الزوار كان بإمكان الشخص أن يسافر إلى أيِّ مكانٍ يريده، على سبيل المثال، إلى ألمانيا (Germany)، وإن كان الأمر يتضمن التطعيم الكامل وإثبات أنَّه يملك سبباً مبرراً للزيارة.

ثم كان لدي سؤال بشأن ما إذا كان السفر آمناً؟ فقالت الإذاعة الوطنية العامة إن بي آر (NPR): أتى خطر الإصابة بكوفيد في أثناء السفر؛ بسبب الأشخاص الآخرين المسافرين، وكان الأمر ينخفض ​​انخفاضاً كبيراً إذا كان الجميع يرتدون الأقنعة، وحذَّرت مراكز السيطرة على الأمراض، والوقاية منها (Centers for Disease and Prevention) من ألا يسافر الشخص دولياً حتى يطعَّم.

مع ذلك فقد حذروا من أنَّ حتى المسافرين الذين طُعِّموا، قد يكونون مُعرَّضين لخطر إضافي متزايد للإصابة، وكذلك نشر بعض متغيرات كوفيد إذا سافروا دولياً، لقد احترمت هذا الأمر، ولكنَّني كنت أعلم أيضاً أنَّ السلامة تعتمد على الوجهة، ممَّا جعل التأكيد الشامل على أنَّ السفر الدولي هو أمرٌ سيئ، موضعاً للنقاش.

إذا وضعنا في حسباننا ما أخبرنا به موقع وورلد ميتيرز (Worldmeters) عن عدد وفيات كوفيد لكلِّ مليون شخص؛ ففي عام 2021، كان لدى الولايات المتحدة 1996 حالة وفاة من كوفيد، وكان في اليونان 1324 حالة وفاة، وفي ألمانيا 1104 حالة، وكذلك كان بإمكاننا استخدام قائمة قيود السفر الخاصة بمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بحسب كلِّ بلد، وإذا نظرنا إلى معدل الأشخاص المصابين في كوفيد في البلدان الأخرى، هل كنا فعلاً سنكون أكثر أماناً إذا بقينا في المنزل؟

كان من الممكن أن يساعد التقييم الشخصي للمخاطر بعضاً من الأشخاص، مثلاً: إذا كان الشخص كبيراً في السن، أو يعاني من ارتفاع ضغط الدم، أو لديه تاريخ من السقوط أو عوامل الهشاشة، أو مصاب بداء السكري من النوع 2، سيكون هذا الشخص أكثر عرضة لخطر دخول المستشفى أو الموت بسبب كوفيد.

دعنا لا ننسى حالة التطعيم الخاصة بكلِّ شخص، فقد كان حتى الأفراد الصغيرين في السن، والذين كانوا يتمتعون بصحة جيدة، من الممكن أن يتضرروا بشدة من كوفيد إذا لم يُطعَّموا.

لقد كان بإمكاننا قياس مستوى الخطر حسب الوجهة بمعدلات التطعيم في كلِّ دولة، وليس بالضرورة أن تكون الدول الأخرى خطيرة، وكذلك ليس بالضرورة أن يكون المنزل آمناً، فقد كانت معانقة شخص غير مُطعَّم على سبيل المثال أو حتى الدخول إلى سوبر ماركت في مكانٍ ما، من الممكن أن يعرِّض الشخص لخطر أكبر للإصابة بكوفيد من أيِّ مكانٍ آخر.

شاهد: أفضل النصائح للعمل من المنزل في ظل انتشار فيروس كورونا

 

السؤال الثاني: هل الطيران آمن؟

 وقد كان من الممكن الإجابة عن هذا السؤال إجابة تقديرية، مع الأخذ في الحسبان العمر والحالة الجسدية ومدى حماية الشخص ومن أين يأتي وإلى أين يتجه؟

في تلك المرحلة ابتعدنا عن الموضوعية، واعتمدنا التدابير الذاتية، وهذه الطريقة التي كان وما زال يعتمد عليها معظمنا في اتخاذ القرارات في حياته في معظم الأوقات، كان هذا الأمر يتعلق بالمشاعر، ممَّا أفسح مجالاً للاختلاف.

السؤال الثالث: هل تشعر بالأمان بشأن السفر؟

وهل تشعر أنَّه آمن بالنسبة إليك؟ أكَّد البروفيسور جاي باتاتشاريا (Jay Bhattacharya) أنَّ “مرحلة الطوارئ قد انتهت، وقد حان الوقت للتراجع عن الشعور بحالة الطوارئ”، لكن كانت لدى بعض الأشخاص مشاعر مختلفة ومستويات مختلفة من تحمل المخاطر، وكان من الممكن أن يختلف كلياً إحساس الشخص بالأمان عن إحساس الأشخاص الآخرين.

أظهر المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية (NBER) أنَّه عندما تعلق الأمر بالجائحة، كان المستجيبين من الإناث والديمقراطيين أقل استعداداً من نظرائهم لتحمل المخاطر، وبناءً على ذلك، قللت النساء من كلِّ أنواع السفر، وقلَّل الديمقراطيون من الرحلات غير المتعلقة بالعمل، ممَّا أدَّى إلى الخلافات الزوجية، وأمور أخرى مختلفة.

السؤال الرابع: هل هذا الأمر يستحق العناء؟

هل كان اختبار كورونا قبل السفر وبعده والحجر الصحي ونظرات التوبيخ من أولئك الذين تقل قدرتهم على تحمل المخاطر، تستحق فرصة السفر إلى مكانٍ ما؟

في الختام:

تعد التجربة جزءاً أساسياً من الحياة؛ لذا يجب أن تسأل نفسك، ما هي الأمور التي ستتخلى عنها باسم المخاطرة؟

المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى