أسباب وآثار الهجرة غير الشرعية
إنَّ الهجرة غير الشرعية هي انتقال الأفراد الأجانب إلى بلدٍ ما دون الوثائق القانونية المطلوبة أو بأيَّة طريقةٍ تنتهك قوانين الهجرة في بلد المقصد، ويمكن أن تحدث الهجرة غير الشرعية لعددٍ من الأسباب وآثارها واسعة النطاق، ففي هذا المقال نستكشف الأسباب المختلفة للهجرة غير الشرعية وننظر أيضاً في بعض آثارها الرئيسة.
أسباب الهجرة غير الشرعية:
هنالك العديد من الأسباب التي تجعل الناس ينتقلون إلى دولٍ أجنبيةٍ دون اتباع الطرائق المناسبة، وهذه هي الأسباب الأكثر شيوعاً:
1. تحرير التجارة:
في الآونة الأخيرة، تبنت البلدان النامية تدابيرَ لتحرير التجارة بروح السعي وراء فوائد العولمة، ومع ذلك فإنَّ الانفتاح السريع للأسواق المحلية يمكن أن يؤدي إلى نزوح أعدادٍ كبيرةٍ من العمال غير المهرة الذين من المرجح بشكلٍ كبيرٍ أن يسعوا إلى الحصول على عملٍ ومستوياتٍ معيشيةٍ أفضل من خلال الهجرة غير الشرعية.
2. الفقر:
أظهرت الأحداث الماضية أنَّ زيادة الفقر وخاصةً عندما ترتبط بالأزمات المستمرة يمكن أن تزيد من احتمالية الهجرة غير الشرعية، وخير مثالٍ عن ذلك الأزمات في البلدان التي وقعت بها حروبٌ مثل سوريا واليمن وليبيا والعراق، والتي تفاقم بها الفقر بعد تطبيق العقوبات الاقتصادية على حكومات هذه البلدان، وهذا أدى إلى انخفاض قيمة عملاتها مقابل الدولار، وتدني الوضع المعيشي وازدياد البطالة وانخفاض الرواتب وغيرها.
مثالٌ آخر، الأزمة الاقتصادية عام 1994 بعد إنشاء اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا)، فقد ارتبطت هذه الأزمة بتفشي الفقر وانخفاض قيمة البيزو المكسيكي مقابل الدولار الأمريكي، كما شهدت الأزمة الاقتصادية زيادةً في عدد المهاجرين العرب والمكسيكيين غير الشرعيين ونزوحهم إلى البلدان الأوروبية والولايات المتحدة سنوياً من منتصف التسعينيات حتى عامنا هذا، فالكوارث الطبيعية والاكتظاظ السكاني من الأسباب الأخرى الشائعة للهجرة غير الشرعية بدافع الفقر.
شاهد بالفيديو: كيف تُصبح فقيراً بـ 10 خطوات بسيطة؟
3. لم شمل الأسرة:
يمكن أن تكون مقيماً قانونياً أو مواطناً متجنساً في بلدٍ ما وتتطلع إلى إحضار أحبائك إلى البلد بشكلٍ قانونيٍ، ففي هذه الحالة قد تحتاج إلى تقديم طلبٍ للحصول على تأشيرات لم الشمل، ومع ذلك فإنَّ هذه التأشيرات عادةً ما تكون محدودة العدد وتخضع لحصصٍ سنويةٍ، ومن ثمَّ قد يُجبَر أحباؤك على دخول بلد المقصد بشكلٍ غير قانونيٍ للم شملهم معك.
4. الزيادة السكانية:
يحدث الاكتظاظ السكاني عندما يتجاوز النمو السكاني القدرة الاستيعابية للمنطقة؛ إذ يمكن أن تؤدي الانفجارات السكانية إلى مشكلات مثل نقص المياه والتلوث والفقر، وقد تدفع هذه المشكلات الناس إلى الفرار من وطنهم إلى دولٍ أجنبيةٍ بطريقةٍ غير شرعيةٍ، على سبيل المثال، معظم المهاجرين غير الشرعيين القادمين إلى أوروبا هم من العرب وإلى الولايات المتحدة هم من المكسيك.
المكسيك وبعض البلدان العربية لديها اقتصادٌ فقيرٌ، ومن المعروف عن المكسيك أنَّ عصابات المخدرات في البلاد تقتل ما لا يقل عن 80000 شخصٍ كل عام، وبخلاف ذلك، تتمتع أوروبا والولايات المتحدة باقتصادٍ أكثر استقراراً نسبياً وبيئةٍ آمنةٍ، وهذا ما يجذب العرب والمكسيكيين.
5. الحروب واللجوء:
قد تكون الهجرة غير الشرعية ناجمةً عن الحاجة إلى الفرار من بلدٍ مزقته الحرب أو الحكومات القمعية، ومع ذلك إذا هربتَ من مثل هذا الموقف، فلن يتم وصفك مهاجراً غير شرعيٍ في معظم البلدان، وإذا تقدمت بطلبٍ للحصول على اللجوء في بلد المقصد وتم منحك وضع اللاجئ، فسيكون لديك الحق في البقاء بشكلٍ دائمٍ.
يندرج اللجوء السياسي أو الإنساني تحت بند المعاناة من الاضطهاد الفكري أو الديني أو الاجتماعي، وخيارٌ آخرٌ هو البقاء بصفتك مهاجراً غير شرعيٍ، وهذه هي الطريقة التي تأتي بها الهجرة غير الشرعية، فدعونا الآن نلقي نظرة على آثار الهجرة غير الشرعية.
آثار الهجرة غير الشرعية:
قد تظهر آثار الهجرة غير الشرعية بشكلٍ إيجابيٍ أو سلبيٍ اعتماداً على الطريقة التي تنظر بها، وفيما يأتي بعض التأثيرات الرئيسة:
1. ضغوطات على المرافق العامة:
عادةً ما يستخدم المهاجرون غير الشرعيين الخدمات العامة مثل المرافق الصحية والمدارس العامة ووسائل النقل والمنتزهات وكل مرفقٍ عامٍ آخر يمكنك التفكير فيه، ومع ذلك فهم لا يدفعون ضرائب لبناء وصيانة هذه المرافق.
2. توريدٌ جاهزٌ للعمالة الرخيصة:
عادةً ما يكون المهاجرون غير الشرعيين في أمس الحاجة إلى مصدرٍ للدخل، ولا يمانعون العملَ في مقابل أجرٍ أقل، ومن ثمَّ لا يتعين على أصحاب العمل في بلد المقصد تعيين عمالٍ والدفع لهم بالرواتب القياسية، وعلاوةً على ذلك يمكن للعمال غير القانونيين القيام بأي نوعٍ من العمل طالما يضمن لهم دخلاً ثابتاً، فلا يهم مدى صعوبة أو خطورة ذلك.
بخلاف ذلك، فإنَّ مواطني معظم بلدان المقصد وخاصةً الولايات المتحدة عادةً ما يكونون انتقائيين، كما أنَّهم لا يترددون في رفع دعاوى قضائيةٍ أو تعويض العمال في حالة الإصابة أو الظلم المتصور، ولا يستطيع المهاجرون غير الشرعيين رفع دعاوى وبالكاد يشتكون من القضايا المتعلقة بالعمل.
3. فقدان الوظائف للمواطنين:
في ضوء حقيقة أنَّ المهاجرين غير الشرعيين عادةً ما يكونون مستعدين للعمل بأجرٍ منخفضٍ، فإنَّهم يأخذون الوظائف المخصصة للسكان المحليين، ويجب أيضاً أن تكون على درايةٍ بحقيقة أنَّ جميع السكان الأصليين يستحقون الوظائف قبل المهاجرين الشرعيين أو غير المسجلين، في حين أنَّ أرباب العمل عادةً ما يكونون سعداء بهذا الوضع، إلا أنَّه قد يكون محبطاً للمواطنين الذين لا يستطيعون العثور على وظائف ذات رواتبَ معقولةٍ.
4. فقدان الإيرادات الضريبية:
توظيف المهاجرين غير الشرعيين يعني أنَّ صاحب العمل يفلت دون دفع الضرائب اللازمة، وهذا يؤدي إلى توفيرٍ كبيرٍ، وقد ينتهي الأمر بالمستهلكين بالاستمتاع بمنتجاتٍ وخدماتٍ أرخص؛ وذلك بفضل انخفاض تكاليف الإنتاج، وهذا يبدو وكأنه تأثيرٌ إيجابيٌ، ومع ذلك فإنَّ فقدان عائدات الضرائب يمكن أن يقوض البرامج الحكومية.
دون أموال الضرائب التي يجب على أصحاب العمل تحويلها للوظائف التي يشغلها مهاجرون غير شرعيين، قد ينتهي الأمر بالمشاريع الحكومية التي تعود بالفائدة علينا جميعاً، وهذا يؤذي الجميع ليستفيد القليل.
5. الإصابة والمرض:
السعي وراء نوعية حياةٍ أفضل هو السبب الرئيس للهجرة غير الشرعية؛ إذ يتم تحقيق ذلك في الغالب من خلال التوظيف في بلد المقصد، واليأس من العمل يدفع المهاجرين غير الشرعيين للعمل في الصناعات الخطرة مثل البناء والزراعة، وعلاوةً على ذلك فإنَّ العمال غير الشرعيين لديهم قدرةٌ محدودةٌ على الحفاظ على السلامة في العمل؛ وذلك بفضل شبكةٍ معقدةٍ من العواقب التي تحجب وضع المهاجرين غير الشرعيين.
إلى جانب المخاطر الجسدية التي يتعرض لها المهاجرون غير الشرعيين في العمل، فإنَّ اختيار التنقل عبر الحدود بحثاً عن عملٍ يستلزم عادةً عوامل نمط الحياة المرتبطة بالعمل التي تؤثر في الرفاه الجسدي والاجتماعي والعقلي للمهاجرين وأحبائهم.
6. تصاعد النشاطات الإجرامية والإرهابية:
في حين أنَّ معظم المهاجرين غير الشرعيين يبحثون فقط عن فرص عملٍ، إلا أنَّ ثمة عدداً كبيراً منهم متورطٌ في نشاطات إجراميةٍ؛ إذ تُعَدُّ عصابة (MS-13) التي تتألف من مهاجرين من أمريكا الوسطى مثالاً جيداً عن المهاجرين غير الشرعيين الذين تحولوا إلى مجرمين، وفي الواقع سُمِّيَت “أخطر عصابةٍ في العالم”.
دون الرقابة المناسبة لأولئك الذين يدخلون بلداً بشكلٍ غير قانونيٍ، يمكن للمجرمين والإرهابيين أيضاً أن يجدوا طريقهم إلى البلاد، وهذا يؤدي إلى وجود خطر على السكان الملتزمين بالقانون، وعلاوةً على ذلك ليس من السهل تعقب المجرمين غير الشرعيين ومحاكمتهم.
7. انخفاض الدافع للهجرة القانونية:
يحرص الكثير من الناس على اتباع الإجراءات الصحيحة للهجرة، ومع ذلك يمكنهم أن يقرروا اتباع طرائقَ مختصرةٍ إذا كانوا مقتنعين بأنَّها ممكنةٌ ومتوفرةٌ، وربما أكثر فائدةً للدخول إلى البلاد بشكلٍ غير قانونيٍ.
حلول الهجرة:
توجد الكثير من الحلول المقترحة للحد من الهجرة ومنها:
- السماح للمواطنين بالانخراط في الوضع السياسي وإبداء آرائهم دون تخويفٍ أو ترهيبٍ.
- إتاحة وظائفَ وأعمالٍ مناسبةٍ للشباب الخريجين العمال بأجورٍ تتناسب مع تعبهم ومؤهلاتهم والوضع المعيشي للبلد.
- ترسيخ فكرة الوطن الأم وتقوية تعلقهم به، وتأمين الراحة الفكرية والمادية والنفسية لزيادة وتقوية هذا التعلق ورفض التخلي عنه والهجرة منه.
- الواسطة والوسطاء هم أساس دمار الشباب وعدم تكافؤ الفرص، ويجب القضاء عليها لما لها من تبعياتٍ مدمرةٍ للمجتمع والشباب وأعمالهم، حينما يوضع الشخص غير المناسب في مكان شخصٍ آخر يستحقه بحكم الواسطة والمحسوبيات فهذا مجتمعٌ منهارٌ تتطلب الهجرة منه.
- استثمار مهارات الشباب ومؤهلاتهم العلمية والعملية في الجمعيات والمنظمات والمؤسسات وغيرها.
- تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص والعدل والمساواة والتوصيف الوظيفي.
- توفير أبسط الحقوق والامتيازات للشباب لدعمهم ومساعدتهم وتشجيعهم على العمل الفعال، مثل توفير وسائط النقل والمسكن والطبابة والتأمين الصحي والأجور المناسبة وبيئة العمل المريحة والصحية وغيرها.
في الختام:
يحتاج الرعايا الأجانب إلى إذنٍ من بلد المقصد قبل أن يتمكنوا من القدوم والإقامة؛ إذ إنَّ انتهاك قوانين الهجرة المحددة في البلاد سيجعلهم مهاجرين غير شرعيين، كما تنجم الهجرة غير الشرعية عن العديد من العوامل بما في ذلك الفقر والاكتظاظ السكاني وتحرير التجارة والحروب في بلدان المنشأ، ويمكن أن يكون لها آثارٌ خطيرةٌ في اقتصاد بلد المقصد وكذلك في حياة المهاجرين غير الشرعيين أنفسهم.
المصدر