السياحة المستدامة: السفر بوعي بيئي
كيف يمكن للمسافرين تقليل تأثيرهم البيئي في أثناء السفر؟
انتشرت السياحة المستدامة بوصفها نوعاً من أنواع المحافظة على البيئة وتقليل الآثار السلبية فيها، والعمل بعناية على نشر الثقافة المحلية بين الأشخاص؛ ولهذا إليك بعض الطرائق التي ستعرِّفكم كيف يمكن للمسافرين تقليل تأثيرهم البيئي في أثناء السفر:
1. تجنُّب هدر الطعام:
تشدِّد تعليمات السياحة المستدامة على عدم هدر الطعام والغذاء، فهو يسبب أثراً سلبياً في الأرض والمناخ والتنوع البيولوجي والحيوي، فقد أشارت بعض الدراسات إلى أنَّ كميات هائلة من الطعام تُهدَر سنوياً في جميع أنحاء العالم بسبب السياحة؛ لذا اتباعك لخطوات صغيرة من شأنه إحداث أثر كبير في هذا الموضوع.
مثلاً تأكَّد من عدم طلبك لكميات طعام تفوق حاجتك أو قدرتك على الأكل، وإذا زادت الكمية عن حاجتك يمكنك الاحتفاظ بها وأكلها في وقت لاحق، ويمكنك عند القيام برحلة صديقة للبيئة أن تأخذ معك طعاماً معداً في المنزل ومرتَّباً في أكياس، بحيث تأكل ما تحتاج إليه وتعيد الباقي معك لمنزلك.
2. الابتعاد عن استخدام البلاستيك غير القابل لإعادة التدوير:
ننصحك من أجل سياحة مستدامة وسفر صديق للبيئة بأن تبتعد عن استخدام البلاستيك غير القابل لإعادة التدوير، فالبلاستيك هو عدو الطبيعة خاصة المحيطات؛ بسبب النفايات الكثيرة التي تُرمى فيها.
الأكياس البلاستيكية وكذلك الشوك والملاعق والصحون والأكواب البلاستيكية التي تُستخدَم مرة واحدة هي عبء كبير على البيئة؛ لأنَّها تحتاج إلى وقت طويل جداً حتى تتحلل بشكل كامل، فبدلاً من ذلك يمكنك استخدام المطرات القابلة لإعادة التعبئة والاستخدام الدائم، وكذلك الاعتماد على الأدوات المعدنية أو الزجاجية، وكذلك الأكواب المصنوعة من المواد القابلة للتحلل.
3. تجنُّب هدر المياه:
قيامك بالسفر بوعي بيئي يتطلب منك تجنُّب هدر المياه، خاصة وأنَّ الموارد المائية هي أصلاً تعاني من الشح في معظم دول العالم، وأسهل الطرائق التي يمكنك اتباعها هي تقليل عدد مرات استحمامك واستبدل الدش بحوض الاستحمام، وكذلك قلل وقت استخدامك للحمام، وعند تفريش أسنانك أو حلاقة ذقنك في الفندق الذي تنزل فيه لا تنسَ إغلاق صنبور المياه.
لا تنسَ قبل مغادرتك منزلك إلى وجهتك السياحية أن تتأكد أنَّ جميع صنابير المنزل مغلقة بشكل جيد ولا تنقط أو تسرِّب الماء في غيابك، فهذا من شأنه دعم السياحة المستدامة وتقليل هدر المياه عالمياً.
4. عدم رمي القمامة أينما ذهبت:
تعد هذه النصيحة هي من أهم طرائق تقليل التأثير السلبي في البيئة عند السفر فلا ترمِ القمامة أينما ذهبت لأنَّ القمامة تدمِّر شكل المناظر الطبيعية كما تصاحبها أضرار تنعكس على الصحة العامة.
ابدأ من نفسك أولاً، فعندما تكون مسافراً لا ترمِ المناديل والورق وأكياس الشيبس على الأرض، ولا ترمِ أعقاب السجائر وعلب الطعام التي فرغت من تناولها على أطراف الأنهار أو الطرقات.
حاول أينما ذهبت ألا تترك أثراً خلفك سواء في المتنزه أم الشاطئ أم الغابات، فعندما تريد رمي القمامة ارمها في الأماكن المخصصة لها، وإذا لم تجد مكاناً للقمامة فيمكنك حملها في كيس إلى أن تجد صندوق قمامة، فأنت بصفتك شخصاً يحترم البيئة عليك أن تعرف قيمة الأماكن عند زيارتها، فلا تشوهها خلفك ليراها الآخرون جميلة كما بدت لك عندما قدمت لزيارتها.
5. استخدام المواصلات العامة:
حاول عند قيامك بسفر صديق للبيئة أن تعتمد على استخدام المواصلات العامة والابتعاد عن ركوب السيارات الخاصة، فأنت بذلك تقلل من الازدحام إلى جانب الحفاظ على الطاقة.
عند ذهابك لوجهتك السياحية يكون هدفك التعرف إلى أماكن جديدة؛ لذا استخدامك دراجة هوائية أو الباصات المشتركة سيزيد من فرصة تعرفك إلى جميع تفاصيل المنطقة، إلى جانب دعمك السياحة المستدامة والابتعاد عن هدر الطاقة وتلويث الهواء بالدخان الناتج عن عوادم السيارات.
6. سن القوانين والالتزام بها:
يجب على الدول التي تحتوي وجهات سياحية عربية كانت أم أجنبية أن تعمل على سن القوانين والالتزام بها؛ وذلك بما يخص السياحة المستدامة فذلك يشجع الأفراد غير المسؤولين على الالتزام والتقيد.
معظم السياح ليس لديهم حس المبادرة الذاتية تجاه السفر بوعي بيئي؛ فتجدهم يرمون البقايا ويهدرون الماء ويشكلون عبئاً على البيئة بدلاً من حمايتها.
لذا فإنَّ هذه الطريقة تضمن للدول التزام عدد أكبر من الأشخاص، خاصة إذا فرضت عليهم عقوبات مالية كبيرة عند قيامهم بتصرفات غير مسؤولة تجاه الأماكن التي يزورونها.
الوجهات السياحية الصديقة للبيئة:
اهتمت بعض دول العالم مؤخراً بقضايا التلوث والحفاظ على البيئة، فكانت هذه الدول من بين الوجهات السياحية الصديقة للبيئة التي يقصدها السياح للتمتع بمناظرها الخلابة وطبيعتها المريحة للأبصار، وإليك بعض هذه الوجهات:
1. سان خوسيه (كوستاريكا):
السياحة المستدامة والقوانين التي تنص على حماية البيئة دفعت بعض الدول للحفاظ على توازنها البيئي والطبيعي، وكانت سان خوسيه (كوستاريكا) دليلاً على ذلك.
إضافة إلى طقسها المشمس على مدار العام تعد سان خوسيه خالية من التلوث؛ إذ إنَّها تعد رائدة في مجال صناعة الطاقة النظيفة لاستخدامها في توليد الكهرباء، ففيها يتم الاعتماد على بدائل الطاقة المتجددة قدر الإمكان.
2. ريكيافيك في أيسلندا:
تحاول مدينة ريكيافيك في أيسلندا أن تصبح خالية تماماً من الوقود الأحفوري، وهي إحدى أقل الدول في العالم انبعاثاً للغازات المسببة للاحتباس الحراري، فقد اعتمدت معظم المنازل فيها على الطاقة النظيفة.
يمكنك أن ترى في هذه الوجهة السياحية ظاهرة الشفق القطبي النادر والشلالات والمناظر الطبيعية الخلابة، وكذلك تعد من بين الدول الأكثر أماناً على مستوى الجريمة؛ لذا عندما تقرر القيام برحلة صديقة للبيئة ودعم السياحة المستدامة فهذا المكان هو المكان الأنسب لك.
3. دولة بوتان:
دولة بوتان عبارة عن دولة صغيرة موجودة بين الهند والصين، وفيها يتم الاعتماد على نوع خاص من السياحة المستدامة؛ إذ يُوضَع فيها حد لعدد الزوار والسياح، وهذا النهج الذي اتبعته دولة بوتان له فائدة كبيرة على كل من السائح والبوتانيين، كما لا يمكن أن ننسى ميزتها الأساسية في كونها دولة خالية من الكربون تماماً، وفيها يحتل الحفاظ على الطبيعة والحدائق والأشجار مكانة عالية جداً.
4. البيرو:
تتبع البيرو سياسات حكومية صارمة بما يتعلق بالسياحة المستدامة كونها تعد دولة غنية بالموارد الطبيعية، وهي دولة محكومة بعدد معين من الزوار.
أحد أهم الوجهات السياحية الصديقة للبيئة في البيرو هو فندق يسمى (ذا سكاي لودج)، الذي يقع في عمق وادي يسمى الوادي المقدس، ويوفر هذا الفندق للسائح صديق البيئة فرصة للعيش في العالم الطبيعي، والمغامرة عند زيارة هذه الوجهة السياحية هي أنَّك لا يمكن أن تصل للفندق إلا سيراً على الأقدام، ويتميز بوجود جناح بيئي ومزود بالكامل بالطاقة الشمسية.
مميزات وأهمية السياحة المستدامة:
بعد كل الوجهات السياحية الصديقة للبيئة التي عددناها لك وطرائق الحفاظ على البيئة، يجب أن تعرف ما هي مميزات وأهمية السياحة المستدامة؛ لتدرك مدى حاجتك لتكون إنساناً صديقاً للبيئة بشكل دائم:
1. دعم الاقتصاد:
إذ إنَّ الجدوى الاقتصادية عند القيام بالسياحة المستدامة تضمن تنافس المؤسسات السياحية التي من شأنها زيادة الواردات التي ينفقها الزوار.
2. توفير تجربة السفر بوعي بيئي وتأمين تجربة مُرضية ومناسبة للجميع:
لتحقيق تجربة سفر مستدامة ومرضية، يتعين استغلال قوة التكنولوجيا لتعزيز تجربة السفر، من خلال التركيز على الاستدامة، والمحافظة على البيئة ودعم المجتمعات المحلية، وأيضاً تحسين خدمات المطارات لتقديم تجربة سفر أكثر سلاسة، الهدف النهائي هو ضمان أن تأثيرات السفر تكون إيجابية بقدر الإمكان.
3. المحافظة على المناظر الطبيعية والوجهات السياحية المختلفة على مر الزمن:
للحفاظ على المناظر الطبيعية والوجهات السياحية، يتعين علينا استغلال التكنولوجيا للحفاظ على التنوع البيولوجي، والحفاظ على نظافة البيئة من خلال زيادة المساحات الخضراء والتخلص الكفء من النفايات. بالإضافة إلى ذلك، يمكننا استخدام وسائل النقل الصديقة للبيئة، وإعادة التدوير، وتوفير المياه وتقليل استهلاك الكهرباء، كما يجب علينا زراعة الأشجار للحفاظ على البيئة الطبيعية.
4. الحفاظ على البيئة:
من خلال تقليل أخطار تلوث الماء والهواء والأرض كما يحدث عند القيام بسياحة غير صديقة للبيئة.
5. توفير فرص عمل:
تؤمِّن السياحة المستدامة كثيراً من فرص العمل للأشخاص في هذا القطاع؛ إذ إنَّها تعد صناعة بحد ذاتها تدعم الاقتصاد والبيئة معاً.
6. الحفاظ على الموارد الطبيعية:
من خلال تقليل الهدر واستخدام الموارد المتجددة في الطاقة في تشغيل كافة المرافق التي تُستخدَم للسياحة.
7. نشر الوعي الثقافي البيئي:
عندما يكثر السياح الذين يسافرون حاملين معهم عادات وتقاليد واعية ويشعرون بمسؤوليتهم تجاه البيئة، فإنَّهم بذلك يؤثرون في الأشخاص المحليين ويساهمون بشكل أكبر في نشر ثقافة السياحة المستدامة في دول العالم.
في الختام:
السياحة المستدامة أو السفر بوعي بيئي يجب أن يصبح ثقافة عامة، فكل شخص يبادر ليحمي بيئته عند سفره سيقلل من الضغط على كوكب الأرض، ويحمي الثروات والحياة البرية والطبيعية الموجودة.