جبل النور: موقع تاريخي وإيماني مقدس

معلومات عن جبل النور:

يعدُّ جبل النور من أبرز المواقع التاريخية في الإسلام ووجهة هامة للحجاج المسلمين، يقع هذا الجبل في مكة المكرمة على بُعد أربعة كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام، في قمته يقع غار حراء، حيث كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يتعبَّد قبل البعثة، وفيه تلقى أول آية من القرآن الكريم: “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ” (سورة العلق: الآية 1).

ما هو جبل النور؟

جبل النور هو موقع تاريخي إسلامي بارز يقع في مكة المكرمة، شمال شرق المسجد الحرام، يتميَّز الجبل بقمة تشبه سنام الجمل، ويبلغ ارتفاعه 642 متراً، بينما ينحدر بشدة من ارتفاع 380 متراً ليصل إلى 500 متر عند قمته، وهذا يمنحه شكل زاوية قائمة، وتبلغ مساحة الجبل 5.250 كيلومتراً مربعاً.

في أعلى جبل النور وعلى ارتفاع 634 متراً، يقع غار حراء، الذي يبعد 4 كيلومترات عن المسجد الحرام، كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يتعبَّد في هذا الغار قبل نزول الوحي، وغار حراء هو فجوة ضيقة يجلس فيها خمسة أشخاص فقط، بطول أربعة أذرع وعرض ذراع وثلاثة أرباع.

من قمة جبل النور، يمكن للزوار رؤية مدينة مكة المكرمة بأحيائها المختلفة مثل حي جبل النور، الذي استمدَّ اسمه من الجبل، وحي الغسالة، ووادي جليل الذي يضم منازل متنوعة في شكلها وارتفاعها، ويعدُّ جبل النور واحداً من الجبال الخمسة التي استخدمها النبي إبراهيم عليه السلام في بناء الكعبة المشرفة، وهذا يضيف إلى أهميته التاريخية والروحية.

سبب تسمية جبل النور:

جبل النور، المعروف أيضاً بأسماء مثل جبل القرآن وجبل الإسلام، يُطلق عليه هذا الاسم بسبب أنوار النبوة التي ظهرت فيه، في قمته يقع غار حراء، المكان الذي كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يختلي فيه لعبادة الله قبل البعثة، بعيداً عن أهل مكة، في هذا الغار نزل الوحي لأول مرة على النبي، وهذا جعل الجبل يُعرف بجبل النور.

قصة جبل النور:

تروي قصة جبل النور العظيمة، والتي تحمل في طياتها بداية رسالة إسلامية عظيمة، أنَّ في “ليلة القدر”، خلال العشر الأواخر من شهر رمضان عام 610 ميلادي، تلقى النبي محمد صلى الله عليه وسلم أول نزول للقرآن الكريم من الله سبحانه وتعالى عن طريق الملاك جبريل عليه السلام.

قبل أن يصبح نبياً، كان محمد صلى الله عليه وسلم يقضي أوقاتاً في التأمل والعبادة في غار حراء، يبحث في الحياة الدنيوية عن الحقيقة والنور الحقيقي، ورغم تميز جبل النور بقمته غير العادية، إلا أنَّ صعوده يتطلب جهداً بالغاً، فيستغرق الوصول إلى قمته على الأقل ساعتين من التسلق الشاق، وذلك على الرغم من تركيب المملكة العربية السعودية السلالام ليصبح الصعود أسهل.

في أيام الحج، يصعد الحجاج من جميع أنحاء العالم إلى قمة جبل النور ويزورون غار حراء للصلاة على النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، فقد وجد النبي محمد صلى الله عليه وسلم العزلة والسكينة داخل جبل النور، فكان يتأمل ويفكر لساعات وحتى أيام طويلة، وفي “ليلة القدر”، عندما بلغ النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) عمر الأربعين، نزل أول وحي من الله له، وهذا جعله يُعلن رسالته النبوية.

نزل أول وحي من الله سبحانه وتعالى للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) عبر الملاك جبريل (عليه السلام)، والذي ظهر أمام النبي على هيئة إنسان يحمل قطعة من الديباج الحريري عليها نقش كتب عليه: “اقرأ”، فقال له النبي محمد (صلى الله عليه وسلم): “لا أستطيع القراءة!” فأجابه الملاك: “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)”.

ثم بلَّغ الملاك جبريل عليه السلام للنبي محمد صلى الله عليه وسلم الوحي الأول، وهذا أثر فيه بشدة، حتى أنَّه بدأ يرتجف وشحب لونه، وبهذا بدأت نبوة محمد (صلى الله عليه وسلم)، وبينما كان ينزل من غار حراء في جبل النور، سمع صوتاً يقول: “يا محمد، أنت رسول الله، وأنا جبريل”، ففوجئ النبي برؤية جبريل (عليه السلام) يملأ الأفق.

عند عودته إلى المنزل، أخبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم زوجته خديجة عليها السلام بما حدث وطلب منها أن تضع عليه بطانية حتى يهدأ، وبعد تشجيعها قَبِل النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) رسالة الله سبحانه وتعالى، وكرَّس حياته منذ ذلك الحين لنشر تعاليم الإسلام في مكة وخارجها.

كم يبعد جبل النور عن الحرم؟

يبعد جبل النور عن الحرم المكي حوالي 4 كيلومترات، جبل النور يقع في الجهة الشمالية الشرقية من مكة المكرمة، ويُعرف بوجود غار حراء الذي نزل فيه الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويطل على العاصمة المقدسة ومنازلها ويعد شاهداً على التاريخ الإسلامي العظيم.

كم عدد درجات جبل النور؟

يحتوي جبل النور على حوالي 600 درجة تؤدي إلى غار حراء، تسهل هذه الدرجات صعود الزوار إلى الغار الذي يعد موقعاً تاريخياً هاماً في الإسلام، يستغرق تسلق جبل النور حوالي 45 دقيقة إلى ثلاث ساعات، وذلك يعتمد على القدرة الجسدية للشخص وقوته، ولا يُسمح للمركبات بالمرور بعد مسجد بلال بن رباح؛ لذا عليك المشي من هناك، يستغرق الوصول إلى غار حراء حوالي 1200 خطوة، عند الوصول، ستجد لافتة مرسومة على حجر تشير إلى مدخل الكهف التاريخي.

الفرق بين جبل النور وجبل ثور:

جبل النور وجبل ثور هما جبلان هامان في التاريخ الإسلامي، ولكل منهما مكانة خاصة وأهمية مميزة، فالأول مرتبط ببداية الدعوة الإسلامية أما الثاني فمرتبط بالهجرة النبوية، وفيما يأتي الفرق:

أولاً: جبل النور

1. الموقع:

يقع في الجهة الشمالية الشرقية من مكة المكرمة.

2. الأهمية:

يُعرف بوجود غار حراء، وهو المكان الذي نزل فيه الوحي لأول مرة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم عبر الملاك جبريل عليه السلام، هذا الحدث هو بداية النبوة وبدء الدعوة الإسلامية.

3. الارتفاع:

يبلغ ارتفاعه حوالي 642 متراً.

4. الزوار:

يُعد مقصداً للزوار الذين يرغبون في زيارة غار حراء والتأمل في المكان الذي بدأ فيه الوحي.

ثانياً: جبل ثور

1. الموقع:

يقع في الجهة الجنوبية من مكة المكرمة.

2. الأهمية:

يحتوي على غار ثور، وهو المكان الذي اختبأ فيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه لمدة ثلاثة أيام في أثناء هجرتهما من مكة إلى المدينة المنورة، هرباً من قريش.

3. الارتفاع:

يبلغ ارتفاعه حوالي 760 متراً.

4. الزوار:

يُعد أيضاً مقصداً للزوار الذين يرغبون في رؤية الموقع الذي شهد أحد أهم أحداث الهجرة النبوية.

ماذا كان يفعل الرسول في جبل النور؟

كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يتوجَّه إلى جبل النور للتعبُّد والتأمل قبل أن يُبعث بالرسالة في غار حراء، الذي يقع في جبل النور، كان النبي يقضي وقتاً طويلاً في الخلوة والعبادة والتفكر في خلق الله، كان يسعى إلى الوحدة والسكينة والابتعاد عن ضوضاء الحياة اليومية والممارسات الجاهلية التي كانت سائدة في مكة في ذلك الوقت.

خلال إحدى هذه الخلوات، نزل عليه الوحي لأول مرة بواسطة الملاك جبريل عليه السلام، وحدث هذا عندما جاءه جبريل وقال له: “اقرأ”، ورد النبي صلى الله عليه وسلم: “ما أنا بقارئ”، وتكرر الأمر ثلاث مرات، وفي المرة الأخيرة، قال جبريل: “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)” (سورة العلق: 1-5)، كان هذا الحدث بداية نزول القرآن الكريم وبداية رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بصفته نبياً ورسولاً إلى الناس.

هل يجوز زيارة جبل نور؟

زيارة جبل النور ليست واجبة في الإسلام، ولكنَّها ليست ممنوعة كذلك، فبعض الأشخاص يزور جبل النور رغبةً في رؤية غار حراء حيث نزل الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأول مرة، ومع ذلك، ينبغي أخذ بعض النقاط في الحسبان قبل الزيارة:

1. نية الزيارة:

ينبغي أن تكون نية الزيارة قائمة على التعلم والتفكر في التاريخ الإسلامي وليست بهدف التبرك أو أداء أي نوع من العبادات الخاصة بالمكان ذاته.

2. الابتعاد عن البدع:

يجب على المسلمين تجنب أي ممارسات بدعية أو غير مشروعة خلال الزيارة، مثل طلب البركة من الصخور أو الأماكن المحيطة بالغار.

3. الاهتمام بالسلامة:

قد يكون تسلق جبل النور متعباً وخطراً لبعض الأشخاص، لذا يجب على الزائرين أن يكونوا مستعدين بشكل جيد وأن يأخذوا احتياطات السلامة اللازمة.

4. التركيز على العبادة المشروعة:

الأفضل هو التركيز على العبادات المشروعة مثل الصلاة والدعاء وقراءة القرآن في أي مكان، سواء كان ذلك في جبل النور أو غيره من الأماكن.

لقد قامت المملكة العربية السعودية بتقديم التسهيلات للراغبين بزيارة جبل النور، فأصبح بإمكان الراغب بالزيارة طلب تصريح من خلال تطبيق “اعتمرنا” الذي يمكن تحميله عبر الهواتف المحمولة للراغبين بأداء العمرة، ويتميز التطبيق بقدرته على استخراج تصاريح لأداء العمرة (تصريح صلاة في الحرم المكي، وتصريح لأداء العمرة، وتصريح صلاة في الحرم النبوي، وتصريح طواف، وتصريح زيارة الروضة الشريفة، وتصريح زيارة مسجد قباء، وتصريح زيارة جبل النور، وتصريح زيارة مسجد شهداء أحد (مع إمكانية إصدار تصاريح للتابعين والمكفولين في طلب واحد، كما يوفر التطبيق خيار تحديد التاريخ والوقت المتاحَين لأداء العمرة، وذلك بتنظيم من إدارة شؤون الحرمين، وهذا يساهم في تحقيق التباعد الاجتماعي للحفاظ على سلامتك وسلامة المعتمرين.

في الختام:

جبل النور رمز خالد في قلب كل مسلم، فشهد بداية الرسالة المحمدية ونزول أولى آيات الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وإنَّ جبل النور هو محطة تاريخية وروحية تعيد للأذهان عظمة اللحظات الأولى للإسلام، وزيارة جبل النور تتيح فرصة للتأمل في تلك اللحظات التاريخية واستحضار معاني الإيمان والعبادة التي جسدها النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى الرغم من أنَّ زيارة هذا الجبل ليست واجبة، إلا أنَّها تظل تجربة ملهمة تعزز الفهم العميق للدين الإسلامي وتاريخ نبيه الكريم.