سياحة و سفر

جولة في مدينة الحمامات الحرارية والقلاع


ولكن سرّ هذه المدينة لا يختبئ فقط بين جدران قلاعها؛ بل ينبض في ينابيعها الساخنة وحماماتها الحرارية التي جعلت منها “عاصمة الاسترخاء” في أوروبا.

سنأخذك في هذه الجولة إلى قلب بودابست بعيداً عن المسارات السياحية التقليدية، لنغوص معاً في تاريخها، ونتذوق دفء ينابيعها، ونكتشف كيف جمعت هذه المدينة بين فخامة الماضي وروعة اللحظة الحاضرة.

لماذا بودابست من أفضل وجهات أوروبا للمسافرين من الخليج؟

بودابست، عاصمة هنغاريا التي تعرف أيضاً باسم المجر، تُعد واحدة من أبرز الوجهات السياحية في أوروبا. يقسمها نهر الدانوب إلى منطقتين رئيسيتين:

  • “بودا” على الضفة الغربية.
  • “بست” على الضفة الشرقية.

وتربط بينهما مجموعة من الجسور الرائعة، وتتميز المدينة بوفرة ينابيعها الحرارية التي تستخدم لأغراض علاجية؛ مما جعلها مقصداً للراغبين في الاستجمام.

كما تحتضن بودابست العديد من المعالم التاريخية والمواقع السياحية المميزة إلى جانب ما توفره من أنشطة متنوعة تشمل زيارة الكنائس، والاستمتاع بجمال العمارة الأوروبية، والمشاركة في الفعاليات وحفلات الشوارع. كل ذلك يجعل من تجربة السياحة في بودابست تجربة فريدة تبقى خالدة في الذاكرة.

تجربة الحمامات الحرارية في بودابست

تتمتع الحمامات الحرارية في بودابست بتاريخ طويل يعود إلى العهد الروماني، حيث كان الرومان أول من اكتشفوا الخصائص العلاجية للمياه الساخنة الطبيعية في المدينة، وشرعوا في بناء حمامات معقدة للاستفادة منها.

ومع دخول العثمانيين إلى المجر في القرن السادس عشر، قاموا بتوسيع هذه الفكرة وبناء العديد من الحمامات التي لا تزال قيد الاستخدام حتى اليوم.

ومن أبرز هذه الحمامات، حمام سيشيني وحمام غيليريت، اللذان يُعدان من أهم المعالم التاريخية في المدينة، حيث تقدم هذه الحمامات لمحة عن التراث الثقافي الغني لبودابست، إذ تبرز الهندسة المعمارية الفريدة وتتيح للزوار تجربة الحمام التركي التقليدية التي تعكس التاريخ العريق لهذه المدينة.

الحمامات الحرارية في بودابست

1. حمام سيشيني Szechenyi – الأيقونة الكبرى

يُعد حمام Széchenyi الحراري من أكبر وأشهر الحمامات الحرارية في أوروبا، وهو يقع في سيتي بارك في بودابست.

ويتميز هذا المنتجع الرائع بتصميمه المعماري على طراز الباروك الجديد ويضم 18 حمام سباحة، بما في ذلك خيارات داخلية وخارجية.

وتعتبر المياه الحرارية في الحمام غنية بالمعادن التي تساعد على تخفيف مشكلات المفاصل والعديد من الأمراض الأخرى.

وتحظى حمامات السباحة الخارجية بشعبية خاصة خلال فصل الشتاء، حيث توفر تجربة فريدة ومثيرة، حيث يتصاعد البخار في الهواء البارد.

بالإضافة إلى ذلك، يُعد منتجع البيرة الحرارية وجهة لا بد من زيارتها، حيث يمكنك الاستمتاع بحمام معدني مريح بينما تحتسي مشروباً منعشاً في أجواء هادئة ومريحة.

2. حمام غيليرت Gellért – أناقة الفن الجديد

يُعد حمام جيليريت الحراري واحداً من أبرز معالم بودابست، ويقع داخل فندق جيليريت الفخم الذي يُعد تحفة معمارية على طراز فن الآرت نوفو.

ويتميز الحمام بتصميمه الأنيق الذي يتضمن أعمدة رخامية رائعة وفسيفساء ملونة ونوافذ من الزجاج الملون؛ مما يضيف إليه سحراً بصرياً استثنائياً.

كما تغذي حمامات المياه الحرارية الينابيع الطبيعية الغنية بالمعادن التي استخدمها الرومان والعثمانيون لقرون، وتقدم فوائد طبية متنوعة.

وبفضل أجوائه الفاخرة والخدمات الراقية، يُعد منتجع جيليريت وجهة مثالية لكل مَن يرغب في تجربة سبا مريحة وراقية.

حمام غيليرت Gellért

الفوائد الصحية ومتى تزور الحمامات

الحمامات الحرارية في بودابست توفر فوائد صحية عديدة، أبرزها:

  1. تخفيف آلام المفاصل والروماتيزم بفضل المعادن كالكبريت والمغنيسيوم.
  2. تحسين الدورة الدموية وتنشيط الجسم.
  3. تقليل التوتر وتحسين الحالة النفسية من خلال استرخاء العضلات والأعصاب.
  4. علاج بعض مشكلات البشرة، مثل الصدفية وحب الشباب.
  5. دعم مناعة الجسم وتسريع التعافي بعد الإصابات.

قلاع بودابست: من أساطير الملوك إلى إطلالات بانورامية

تُجسد قلاع بودابست مزيجاً آسراً بين التاريخ والأسطورة، حيث تروي جدرانها حكايات الملوك والمعارك، وتمنح زوّارها مشاهد بانورامية تخطف الأنفاس.

أبرز قلاع بودابست

1. قلعة بودا التاريخية

تُجسّد أودا القلعة، أو “بودافاري بالوتا” بالمجرية و“بورغبالاست” بالألمانية، أبرز معالم السياحة في بودابست بكونها مجمع القصر الملكي القديم الذي بدأت أولى أعماله عام 1265، قبل أن ينبثق بين 1749 و1769 القصر الباروكي الضخم الذي يهيمن اليوم على الموقع بأكمله.

حيث حملت هذه التحفة المعمارية ألقاباً عدة على مر العصور، من “القصر الملكي” إلى “القلعة الملكية”، وهي تحتل الطرف الجنوبي من تل القلعة، حيث يحدها إلى الشمال حيّ القلعة التاريخي (فارنيجيد) بأزقّته القديمة ومبانيه القروسطية والباروكية والقرن التاسع عشر والكنائس الفخمة.

ويصل الزائر من ساحة كلارك آدم إلى أبوابها عن طريق القطار المعلّق الذي ينحدر من جسر سيتشيني الشهير؛ مما يجعل التجوّل فيها رحلة تأخذك بين أساطير الملوك ومناظر البانوراما الساحرة للنهر والمدينة.

ولا عجب في أن يُدرج هذا الموقع ضمن قائمة التراث العالمي عام 1987، إذ إنَّه لا يقدم للزائر إلا تجربة فريدة تمزج عبق التاريخ بفخامة الحاضر.

قلعة بودا التاريخية

2. قلعة فيشرمان Fisherman’s Bastion

يُعد حصن فيشرمان أو حصن الصيادين من أبرز معالم السياحة في بودابست، ويقع في قلعة بودا بإطلالة ساحرة على المدينة.

ويُمكن للزوار دخوله مجاناً يومياً من التاسعة صباحاً حتى الحادية عشرة مساءً، باستثناء الأبراج التي تتطلب رسوماً رمزية. ويمكن الوصول إليه بالحافلة، أو القطار المائل، أو سيراً على ضفة نهر الدانوب.

بُني الحصن بين عامي 1895 و1902 على الطراز القوطي والرومانسي الجديد على يد المهندس فريجيس شوليك، ويحيط بكنيسة ماتياس الشهيرة.

ورغم تدميره خلال الحرب العالمية الثانية، أعيد ترميمه لاحقاً ليصبح أحد مواقع التراث العالمي وأحد أجمل رموز بودابست التاريخية.

قلعة فيشرمان Fisherman’s Bastion

أنشطة يمكن القيام بها في محيط القلاع

تُعد زيارة قلعة بودا من أروع تجارب السياحة في بودابست، فهي تجمع بين التاريخ والروعة المعمارية، وقد تأسست في القرن الرابع عشر بأمر من الملك بيلا الرابع لتكون مقراً ملكياً. يمكن الوصول إليها بالتلفريك أو عن طريق جسر يربطها باليابسة، وكلاهما يوفر مشاهد بانورامية خلابة.

ستجد داخل القلعة غرفاً ملكية نقوشاً من العصور الوسطى والرومانية والبيزنطية، إضافة إلى متحف يضم قطعاً أثرية نادرة، مثل التاج المجري وطائر التورول الأسطوري.

لا تفوّت التنزه في الحديقة المحيطة، أو استكشاف الأنفاق والممرات، كما يمكنك الاستفادة من الجولات الإرشادية لتعرف أدق تفاصيل هذا المعلم التاريخي الفريد.

ماذا تفعل في بودابست خلال الصيف والشتاء؟

بودابست مدينة لا تنام على سحرٍ واحد، حيث تقدّم لكل فصل تجربة فريدة، سواء كنت من عشّاق الدفء والحيوية أو من محبي الأجواء الشتوية الساحرة.

1. المهرجانات الموسمية

تتحول بودابست في فصل الصيف إلى مسرح مفتوح للموسيقى والفنون. حيث تنتشر الفعاليات والمهرجانات في الشوارع والحدائق، مثل مهرجان “سيغيت” الشهير الذي يجذب نجوماً عالميين وجمهوراً من شتى أنحاء العالم.

أما الضفة المطلة على نهر الدانوب فتنبض بالحياة من خلال الحفلات، وعروض الضوء، والأسواق الصيفية التي تملأ الأجواء بالحركة والبهجة.

2. أسواق الكريسماس والأنشطة الشتوية

أما في الشتاء، فتبهر المدينة زوّارها بأجواءٍ ساحرة تتزين بالأضواء وتعبق برائحة القرفة والفانيليا. أسواق الكريسماس في ساحة فوروبيشت مثلاً، تعج بالحرف اليدوية والهدايا والمأكولات التقليدية.

ويمكن أيضاً التزلج على الجليد في أكبر ساحات المدينة، أو الاسترخاء في الحمّامات الحرارية التي توفر تجربة لا تُنسى في البرد القارس.

مذاق بودابست: أشهر الأطباق المحلية

المطبخ المجري هو جزء لا يتجزأ من تجربة السياحة في بودابست، ويمنح الزائر نكهةً خاصة لا تُشبه غيرها.

1. غولاش المجري

يُعد الغولاش من أشهر الأطباق التقليدية في المجر، وهو حساء غني بنكهة الفلفل الحلو، يحتوي على اللحم والبطاطس والخضروات. ويُقدَّم غالباً في وعاء طيني، ويُعد وجبة مثالية في الأجواء الباردة.

غولاش المجري

2. الحلويات التقليدية

أما لعشاق الحلويات، فلا يمكن تفويت تجربة “كيك الدوبوش” بطبقاته الغنية من الكريمة والكراميل، أو “الكورتوش” المعروف باسم كعكة المدخنة الذي يُحضّر طازجاً في الشارع ويُغطّى بالقرفة أو الشوكولاتة. وهذه الحلويات ليست فقط طيبة المذاق، وإنَّما جزء من الثقافة المجرية العريقة.

كم تكلفة السفر إلى بودابست؟ ميزانية ذكية

إذا كنت تخطط لزيارة بودابست، فإليك دليل حول كيفية إدارة ميزانيتك بذكاء لتحقيق أقصى استفادة من رحلتك دون تجاوز تكاليفك.

1. الطيران من الخليج

تكاليف تذاكر الطيران من دول الخليج إلى بودابست تُراوح بصورة عامة بين 1500 إلى 3000 ريال سعودي، حسب الموسم والشركة. حيث تكون الأسعار في فصل الصيف غالباً أعلى بسبب كثافة السفر، لكن إذا حجزت مسبقاً أو اخترت التوقيت المناسب، يمكنك العثور على عروض جيدة بأسعار منخفضة.

2. السكن والطعام والتنقل

من حيث الإقامة، يمكن العثور على خيارات متنوعة تناسب جميع الميزانيات، بدءاً من الفنادق الفاخرة التي تبدأ أسعارها إلى ما يقارب 300 ريال سعودي لليلة إلى الشقق السكنية أو الفنادق الاقتصادية التي تبدأ من 100 ريال سعودي لليلة.

وبالنسبة للطعام، يمكنك تناول وجبات شهية تبدأ من 30 إلى 60 ريالاً سعودياً للوجبة في مطاعم محلية، بينما يُراوح التنقل العام، مثل (الترام أو الحافلات) بين 5 إلى 10 ريالات يومياً.

3. نصائح لتوفير التكاليف بدون المساس بالتجربة

  • الحجز المبكر: حاول حجز تذاكر الطيران والإقامة قبل السفر بفترة طويلة للاستفادة من الأسعار المخفضة.
  • استخدم وسائل النقل العامة: تُعد وسائل النقل العام في بودابست فعّالة وميسورة التكلفة مقارنةً بالتكاسي أو تأجير السيارات.
  • تناول الطعام المحلي: استمتع بالمأكولات المجربة في المطاعم المحلية بدلاً من المطاعم السياحية التي قد تكون أغلى.

في الختام

تبقى السياحة في بودابست خياراً ذكياً لمَن يبحث عن تجربة فريدة تجمع بين الراحة والثقافة.فهذه المدينة الأوروبية ستأسرك بتفاصيلها. إنَّها وجهة مثالية لعشّاق الجمال والهدوء والمغامرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى