قصة ملهمة عن الحياة والسفر

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب ورائد الأعمال “كريس جيليبو” (Chris Guillebeau)، ويحدثنا فيه عن تجربته في السفر حول العالم.
بلغت حصيلة مغامراتي حتى تلك اللحظة لما يقارب 35 دولة، ثلثها تقريباً في القارة الأفريقية، وكنت أنوي السفر إلى 5 وجهات أخرى على الأقل خلال العام التالي.
بدأت بتدوين أهدافي لأول مرة في صيف العام نفسه، وبرز هدف جريء من بين تلك الطموحات، وهو زيارة 100 دولة خلال حياتي. بدا هذا الهدف بعيد المنال حينها، لكنَّ المفارقة تكمن في بساطته مقارنة بما قررته لاحقاً.
اعتدت أن أقدِّر الوقت، والمال، والموارد التي أحتاج إليها لتحقيق أهدافي، وهذا ما فعلته بالضبط مع هدفي الجديد.
يصعب وضع ميزانية لأهداف السفر حول العالم، نظراً للتفاوت الكبير في تكاليف المعيشة بين البلدان، فبينما لا تتجاوز تكلفة الوصول إلى دولة مثل لوكسمبورغ 25 دولاراً عند وجودك بالفعل في بلجيكا، وهو ما ينطبق على عديد من الدول الحدودية الصغيرة، فإنَّ الوصول إلى وجهات أخرى قد يكون مكلفاً للغاية. فعلى سبيل المثال، لولا عملي في ليبيريا، لكانت تكلفة السفر إليها تُقارب 2000 دولار، وعادةً ما تتجاوز تذاكر الطيران ذهاباً وإياباً عبر المحيطات حاجز 700 دولار لوجهة واحدة فقط.
بأخذ هذه العوامل المتنوعة في الحسبان، توصّلت في النهاية إلى تقدير تقريبي يبلغ 500 دولار لكل دولة، فتصبح التكلفة الإجمالية لزيارة 100 دولة 32,500 دولار تقريباً.
استنتجت بعد تفكيرٍ عميق أنَّ هذا المبلغ يعدُّ ثمناً بخساً مقارنة بالثراء المعرفي والتجريبي الذي سأكتسبه من تحقيق هذا الهدف الطموح.
شاهد بالفيديو: 7 تغييرات إيجابية يحدثها السفر في حياتك
لا أنكر حجم هذا المبلغ، وأنا أعي تماماً قيمة المال، وخاصةً بعد أن أمضيت 4 سنوات في أفقر دول العالم؛ حيث يكافح الناس لكسب أقل من دولار واحد في اليوم. كما أنَّه يدرك وجود فقر في الولايات المتحدة، على الرغم من أنَّه لا يُقارن بأي حال من الأحوال بالظروف المعيشية في دول مثل ليبيريا أو باكستان.
لكن بالمعايير الغربية، يُعد مبلغ 32,500 دولار أقل من متوسط الدخل الفردي في الولايات المتحدة، الذي يقارب 39 ألف دولار. فهل يُعَد إنفاق أقل من دخل عام واحد لزيارة 100 دولة صفقة رابحة لشخص يقدِّر قيمة السفر الدولي؟ يبدو الأمر كذلك بالفعل.
ثم بدأت أفكر في ما يمكن أن يشتريه هذا المبلغ أيضاً، إذ لا يتردد كثيرٌ من الأمريكيين في إنفاق هذا المبلغ على اقتناء سيارة جديدة، وعلى الرغم من أنَّ أكبر مبلغ أنفقه شخصياً على سيارة لم يتجاوز 6 آلاف دولار، إلا أنَّ كثيرين لا يمانعون اقتراض المال لشراء سيارات فارهة.
لا أقتني سيارة حالياً، وأعتمد في حياتي اليومية على وسائط النقل العامة، وأفهم ميل بعض الأشخاص لشراء سيارات فارهة، لكني شخصياً أقدِّر التجارب الحياتية الغنية، ومقابلة أشخاص من بلدان وثقافات متنوعة، والمغامرات التي يمكن أخوضها في أسفاري.
أعيش حياة خالية من الالتزامات التي يمكن أن تمنعني من استكشاف العالم، وأخطط لرحلة طويلة تتنقل بين بلدان مختلفة باستخدام وسائل محلية وأدوات سفر مرنة، مستفيداً من موارد السفر المتاحة لدي لتسهيل تنقلاتي والعودة لاحقاً.
كنت أمام خيارين : امتلاك رفاهية محدودة أو السفر حول العالم بما فيه من تنوّع، وثروة، وتجارب، وهو قرار سهل للغاية بالنسبة لي.
الجزء الثاني من الرؤية: عندما تتسع آفاق الطموح
عندما يضع المرء أهدافاً كبيرة، فإنها تميل بطبيعتها إلى التوسع والنمو.
في عام 2007، وبعد 4 سنوات في أفريقيا، كنت بحاجة إلى مغامرة جديدة قبل الالتحاق بالدراسات العليا. اشريت تذكرة سفر لزيارة مدن آسيوية، منها هونغ كونغ التي أسرتني بجمالها، وبينما كنت أتنقل، بدأت فكرة زيارة جميع دول العالم تتبلور في ذهني كهدف ملهم وطموح دفعني إلى توثيق رحلتي ومشاركة مغامراتي مع الآخرين.
في الختام
يختار كثيرون الاستثمار في الماديات، لكني أفضل التجارب الحياتية الغنية والاتصال بالثقافات المتنوعة. تطورت رحلتي التي بدأت بهدف زيارة 100 دولة إلى طموح استكشاف العالم بأكمله، وهذه دعوة لنا جميعاً لإعادة تقييم أولوياتنا والنظر في القيمة الحقيقية لما نسعى إليه في هذه الحياة.
ففي نهاية المطاف، قد نجد أنَّ أثمن ما يمكننا جمعه ليس الممتلكات، بل الذكريات والمعارف التي نكتسبها في رحلتنا حول هذا العالم الفسيح.