السفر والصحة

The Racket (1928): فيلم صامت رائد يفضح الجريمة المنظمة والفساد


صدر فيلم The Racket عام 1928 وهو دراما جريمة صامتة تحتل مكانة خاصة في تاريخ السينما. لم يكن مجرد فيلم عصابات آخر، بل كان واحداً من أوائل الأفلام التي تمتعت بمكانة فنية مرموقة في عصرها، إذ جمع بين التعليق الاجتماعي والسياسي الجريء وبين الرسالة الأخلاقية. ومع مرور الزمن أصبح بمثابة “الكنز المفقود” في عالم السينما الكلاسيكية، إذ كان يُعتقد أنه دُمّر قبل أن يُعاد اكتشافه وترميمه.

الخلفية والبدايات

المسرحية التي بدأت القصة

الفيلم مقتبس عن مسرحية بنفس الاسم كتبها Bartlett Cormack. عُرضت المسرحية لأول مرة في برودواي عام 1927 وحققت نجاحاً كبيراً، إذ امتدت عروضها إلى 119 عرضاً. لعب الممثل Edward G. Robinson دوراً بارزاً في النسخة المسرحية، وهو الممثل الذي سيصبح لاحقاً أحد أهم وجوه أفلام العصابات. استلهم كاتب المسرحية قصته من عمله كصحفي جريمة في شيكاغو، مما منح العمل واقعية قوية في تناول العصابات والفساد. نجاح المسرحية مهد الطريق لتحويلها إلى فيلم سينمائي.

التحويل إلى فيلم

صدر الفيلم في 1 نوفمبر 1928 من إنتاج Howard Hughes وإخراج Lewis Milestone، الذي سيشتهر لاحقاً بفوزه بالأوسكار عن All Quiet on the Western Front. تولى كتابة السيناريو Bartlett Cormack بمساعدة Tom Miranda.
شارك في البطولة Thomas Meighan بدور الشرطي “Mac” McQuigg، وLouis Wolheim بدور زعيم العصابة Nick Scarsi، وMarie Prevost في دور Helen Hayes.
مدة الفيلم حوالي 84 دقيقة، وهو فيلم صامت مع استخدام العناوين النصية. تميز بأسلوب بصري قوي يسبق ملامح أفلام الجريمة والـ”فيلم نوار” في العقود اللاحقة.

ملخص القصة

تدور أحداث الفيلم في مدينة تشبه شيكاغو خلال فترة الحظر، حيث يواجه الشرطي McQuigg نفوذ العصابات بقيادة Nick Scarsi.
يبدأ الفيلم بصراع دموي واعتقالات، لكن نفوذ السياسة يحول دون محاكمة المجرمين. يتم نقل الشرطي إلى منطقة نائية كنوع من العقاب بسبب إصراره على مواجهة الفساد.
لاحقاً يُعتقل شقيق Nick بتهمة حادث دهس، وتظهر شخصية Helen Hayes التي تشهد ضده، مما يفتح صراعاً جديداً بين الشرطة والعصابة.
تتصاعد الأحداث حين يقتل Nick أحد رجال الشرطة ويتم القبض عليه مجدداً، لكن نفوذه السياسي يهدد بإطلاق سراحه. في النهاية، تتخلى عنه القوى السياسية التي كانت تحميه وتدبر مقتله للتخلص من عبئه قبل الانتخابات، ليُظهر الفيلم كيف أن العصابات والسياسة وجهان لعملة واحدة.

الموضوعات والأسلوب

Screenshot

الجريمة والفساد

الفيلم يعرض بوضوح كيف يتغلغل الفساد في المؤسسات السياسية والقانونية، وكيف أن مواجهة العصابات ليست مجرد معركة بين الشرطة والمجرمين بل بين النزاهة والفساد. شخصية Nick مستوحاة بشكل كبير من Al Capone، أما شخصية “The Old Man” فترمز إلى عمدة شيكاغو William Hale Thompson.

القوة السياسية

يبرز الفيلم كيف يحمي السياسيون زعماء العصابات لتحقيق مصالحهم، وهو انعكاس واقعي لما كان يحدث في الولايات المتحدة خلال عشرينيات القرن الماضي.

الأسلوب البصري

رغم كونه فيلماً صامتاً، استخدم The Racket تقنيات بصرية مبتكرة، من مشاهد المصانع وتصميم الديكورات إلى لقطات المدينة المزدحمة، ما منحه طابعاً سينمائياً متقدماً. لكن بعض مشاهده لا تزال تحمل طابعاً مسرحياً، نتيجة اعتماده على نص مسرحي في الأصل.

الاستقبال والجوائز والرقابة

الاستقبال النقدي والجماهيري

نال الفيلم إشادة كبيرة عند عرضه، إذ أثنى النقاد على قصته وأداء ممثليه وجرأته في طرح الفساد. قارنه البعض بفيلم Underworld (1927). وعلى موقع Rotten Tomatoes اليوم يحظى بنسبة 100% مراجعات إيجابية بناءً على تقييمات حديثة.

جائزة الأوسكار

كان الفيلم أحد الأفلام المرشحة لجائزة أفضل فيلم في حفل الأوسكار الأول عام 1929، إلى جانب Wings و7th Heaven. فاز Wings بالجائزة، لكن الترشيح عزز مكانة The Racket في تاريخ السينما.

الرقابة والمنع

أثار الفيلم جدلاً بسبب تصويره لفساد الشرطة والسياسيين. حُظر عرضه في بعض المدن مثل بورتلاند، كما تم رفض عرضه في شيكاغو تحديداً، لأنها المدينة التي فضح الفيلم واقعها. هذه الرقابة زادت من سمعته كعمل جريء.

النسخة الجديدة عام 1951

تمت إعادة إنتاج الفيلم عام 1951 على شكل فيلم نوار من بطولة Robert Mitchum وRobert Ryan. رغم تحديث القصة لتناسب الزمن، بقيت الفكرة المحورية نفسها: صراع بين الشرطي الشريف والعصابات.
ترك The Racket بصمته في تاريخ السينما، إذ كان من أوائل الأفلام التي مزجت بين دراما الجريمة والنقد السياسي. رغم أنه ليس مشهوراً كأفلام أخرى من الحقبة نفسها، إلا أن مكانته محفوظة كواحد من أوائل الأفلام التي طرحت فكرة الجريمة كظاهرة اجتماعية مرتبطة بالسياسة.

اقرا ايضا شركة لايز: كيف تحولت رقاقة البطاطس البسيطة إلى إمبراطورية وجبات خفيفة عالمية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى