روائع الفن في متحف اللوفر
ويجذب ملايين الزوار كل عام ممن يتطلَّعون إلى استكشاف كنوزه الفنية والثقافية.
ستجد في هذا المقال كل المعلومات التي تحتاج إلى معرفتها عن متحف اللوفر في باريس.
نبذة عن متحف اللوفر
يقع متحف اللوفر (بالفرنسية: Musée du Louvre) في باريس على الضفة الشمالية لنهر السين، وهو أحد أكبر وأشهر المتاحف في العالم، ومن أبرز المعالم السياحية في باريس، ويضم مجموعة ضخمة ومتنوعة من الأعمال الفنية التي تغطي مجموعة متنوعة من الفترات التاريخية للثقافات العالمية المختلفة.
كان في الأصل قلعة بناها فيليب “أوغست” عام 1190، ثم حولها ” شارل الخامس” إلى قصر ملكي عرف باسم “قصر اللوفر”، وظل مقراً لملوك فرنسا لما يقارب 700 سنة حتى عهد “لويس الرابع عشر” الذي نقل مقر الحكم إلى “قصر فرساي”، ثم شغل المبنى أكاديميتان للتمثيل والنحت والرسم، وتحول إلى متحف في 10 أغسطس عام 1793 في أثناء الثورة الفرنسية، ويتميز المتحف بتصميمه المعماري الفريد، الذي يشمل القلعة الأصلية، إضافة إلى مبانٍ حديثة مثل الهرم الزجاجي الذي صمَّمه المهندس المعماري “آي. إم. بيه” في الثمانينيات.
يحتوي متحف اللوفر على أكثر من 380,000 قطعة فنيَّة، منها حوالي 35,000 قطعة معروضة للجمهور، وتنقسم هذه المجموعات إلى ثمانية أقسام رئيسة هي: (الآثار المصرية، الآثار الشرق أوسطية، والآثار اليونانية والرومانية والأترورية، والفنون الإسلامية، واللوحات، والمنحوتات، والفنون الزخرفية، والطباعة والرسم) ويعد متحف اللوفر وجهة ثقافية رئيسة تستقطب ملايين الزوار سنوياً من جميع أنحاء العالم، ليكون رمزاً عالمياً للفن والتاريخ والثقافة.
سبب تسمية اللوفر بهذا الاسم
تعود تسمية متحف اللوفر إلى القلعة الأصلية التي بنيت في الموقع الذي يقع عليه المتحف اليوم، فبنى “فيليب أوغوست” القلعة في أواخر القرن الثاني عشر، وكانت تعرف باسم “لوفر” “Louvre”، ويعتقد أن الاسم “لوفر” مشتق من الكلمة اللاتينية “لوارا” “Lupara”، والتي تشير إلى موقع في غابة كان يستخدم للصيد، وتقول نظرية أخرى أيضاً إن الاسم قد يكون مشتقاً من كلمة “لوبر” “Lupera”، والتي تعني الذئب، وربما كان الموقع في الأصل مكاناً لصيد الذئاب، وعرفت القلعة بهذا الاسم، واستمر استخدام نفس الاسم للإشارة إلى المبنى مع مرور الوقت، وحولت القلعة إلى قصر ملكي، ومن ثم إلى متحف.
الهدف من متحف اللوفر
يهدف متحف اللوفر إلى تحقيق عدة أهداف ثقافية وتعليمية واجتماعية:
يأتي في المقام الأول: حفظ التراث الثقافي العالمي، ويعمل متحف اللوفر على حفظ وصيانة الأعمال الفنية والتحف الأثرية من مختلف الحضارات والفترات التاريخية؛ وذلك لضمان استدامتها للأجيال القادمة.
يوفِّر المتحف منصة لعرض مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية والتحف الأثرية للجمهور، ويشمل ذلك اللوحات، والتماثيل، والنقوش، والمقتنيات الأثرية من مختلف الثقافات.
يهدف المتحف إلى تعريف الزوار وتوعيتهم بأهمية الفن والتاريخ من خلال تنظيم معارض دائمة ومؤقتة، إضافة إلى برامج تعليمية، وورش عمل تثقيفية تستهدف مختلف الأعمار والفئات.
يدعم متحف اللوفر أيضاً البحث العلمي والدراسات الأكاديمية المتعلِّقة بالفنون والتاريخ والآثار، ويوفِّر المتحف موارد ومعلومات للباحثين والأكاديميين؛ لإجراء بحوثهم، ونشر معرفتهم.
يسعى المتحف لتعزيز التبادل الثقافي بين الشعوب من خلال استضافة معارض دولية، وإقامة تعاون مع متاحف ومؤسسات ثقافية أخرى حول العالم، ويحرص كذلك على أن يكون الوصول إلى الفن والثقافة متاحاً للجميع، ومن ذلك توفير خدمات للأشخاص ذوي الإعاقة، وتقديم محتوى تعليمي متنوِّع يناسب مختلف الفئات الاجتماعية والاقتصادية.
تصميم متحف اللوفر باريس
يقع متحف اللوفر في باريس على الضفة الشمالية لنهر السين، ويمتدُّ على مساحة تزيد عن 210,000 م²، منها حوالي 60,600 م² مخصَّصة لعرض الأعمال الفنية.
صُمِّمَ متحف اللوفر عبر قرون، وساهم في تصميمه عدد من المعماريين البارزين، منهم:
1. “بيير ليسكوت” (Pierre Lescot)
بدأ بتحويل القلعة الأصلية إلى قصر في عصر النهضة في القرن السادس عشر.
2. “لويس لو فو” (Louis Le Vau) و”كلود بيرو” (Claude Perrault)
اللذان أضافا جناحاً كلاسيكياً في القرن السابع عشر.
3. “آي إم بي” ( M. Pei)
المهندس الأمريكي الصيني الذي صمم الهرم الزجاجي الشهير في أواخر القرن العشرين.
4. “هيكتور لوفويل” (Hector Lefuel)
مهندس فرنسي في القرن التاسع عشر، صمم بعض التوسعات والتجديدات في اللوفر خلال عهد “نابليون الثالث”، ومن ذلك جناح “نابليون الثالث” الفاخر.
5. “إدغار مارتيز” (Edgar Martin)
مهندس جدد المتحف ووسعه في القرن العشرين.
تفاصيل البناء الخارجي
يتميز اللوفر بواجهته الكلاسيكية المهيبة التي تعود لعصر النهضة والقرون الوسطى، وتشمل الواجهة الشمالية “واجهة النهضة” والواجهة الجنوبية، وتتزين بالعديد من التماثيل والنقوش البارزة، وأبرز ما يميز التصميم الخارجي لمتحف اللوفر هو الهرم الزجاجي الذي صممه “آي إم بيه”، وافتتح في عام 1989، ويبلغ ارتفاع الهرم حوالي 21.6 متراً، ويتكون من 673 لوحاً زجاجياً، وهو مدخل رئيس للمتحف، ويجمع الهرم بين الجمالية والوظيفة، ويوفر إضاءة طبيعية لردهة الاستقبال الرئيسة، ويعمل بصفته نقطة اتصال بين الأجنحة المختلفة للمتحف.
تفاصيل البناء الداخلي
يتكوَّن من عدة أقسام رئيسة مرتبة ترتيباً يسهل على الزوار استكشاف الأعمال الفنية، وتشمل الأقسام: الآثار المصرية، والآثار اليونانية والرومانية، والفنون الإسلامية، والفنون الزخرفية، واللوحات، والمنحوتات، ويحتوي المتحف على مجموعة من الأروقة والقاعات الفخمة التي تُظهر الفترات التاريخية المختلفة، مثل قاعة “نابليون” وقاعة “كاروسيل”.
تتميز هذه القاعات بالأسقف العالية والديكورات الفاخرة والأرضيات الرخامية، ويجد الزوَّار أنفسهم بمجرد دخولهم من الهرم الزجاجي في بهو واسع ومُضاء طبيعياً؛ لأن الأسقف الزجاجية تسمح بدخول الضوء الطبيعي، وهذا يضفي إحساساً بالرحابة والحداثة، ويوجد عدد من الأجنحة الرئيسة مثل جناح سولي “Sully Wing”، والذي يعد أقدم أجزاء المتحف، ويتميز بقاعة نابليون التي تحتوي على تفاصيل زخرفية غنية وأسقف مزخرفة، وتُعرَض فيها القطع الأثرية المصرية واليونانية والرومانية.
فيه جناح دينون “Denon Wing” الذي يحتوي على اللوحات الإيطالية والفرنسية الشهيرة مثل لوحة “الموناليزا”، وجناح الريشيليو “Richelieu Wing” الذي يضم تماثيل ومنحوتات من العصور الوسطى وعصر النهضة، كما يوجد المعرض الكبير، والغرف الخاصَّة بعرض عرش الامبراطورية، وقاعة المومياوات المصرية، والسلالم الكبيرة “سلم نابليون”، ولقد جهز المتحف بأحدث التقنيات؛ لتسهيل تفاعل الزوار مع المعروضات، مثل شاشات اللمس، والأدلة الصوتية، والتطبيقات التفاعلية.
عدد سنوات بناء متحف اللوفر
كان بناء متحف اللوفر على هيئة مجموعة من التحولات والتوسعات المعمارية التي امتدت على مدى قرون عديدة، فبدأ بصفته قلعة “فيليب أوغست” عام 1190؛ لحماية باريس من الغزوات، وتحولت القلعة إلى قصر ملكي في عهد الملك “فرانسوا الأول” في القرن السادس عشر، وبدأت أعمال التحول الرئيسة عام 1546 تحت إشراف المهندس “بيير ليسكوت” خلال القرن السابع عشر.
استمرت التوسعات في عهد “لويس الثالث عشر” و”لويس الرابع عشر”، تحت إشراف المهندسين “كلود بيرو” و”لويس لو فاو”، وصمم “بيرو” الواجهة الشرقية الشهيرة في القرن التاسع عشر، وشهد المتحف مزيداً من التحولات في عهد “نابليون الأول” تحت إشراف المهندس هيكتور “لوفويل”، فأضاف “جناح نابليون الثالث”، وشهد متحف اللوفر في القرن العشرين تجديدات وتوسعات حديثة؛ لتلبية احتياجات الزوار المتزايدة، وتحسين البنية التحتية، فأكمل المهندس “آي إم بي” تصميم وبناء الهرم الزجاجي في الفناء الرئيس في الثمانينيات، ويمكن القول إن عملية بناء وتطوير متحف اللوفر امتدت على مدار أكثر من 800 عام.
عدد الغرف في متحف اللوفر
يضمُّ متحف اللوفر في باريس 403 غرفة، ويجب اجتياز 14,5 كم من الممرات، وارتقاء 10000 درجة لزيارة المتحف بالكامل، وتتضمن الغرف الفن الأوروبي من القرون الوسطى وحتى القرن التاسع عشر، إضافة إلى التحف الأثرية من مختلف الحضارات القديمة، مثل المصرية واليونانية والرومانية.
أقسام متحف اللوفر
يُقسَم المتحف إلى أجزاء عدَّة حسب نوع الفن وتاريخه، ويحتوي على أكثر من مليون قطعة فنيَّة سواء أكانت لوحة زيتية أم تمثالاً، ويضمُّ مجموعة رائعة من الآثار الإغريقية والرومانية والمصرية ومن حضارة بلاد الرافدين العريقة، والتي يبلغ عددها 5664 قطعة أثرية، إضافة إلى ذلك يحتوي المتحف على لوحات وتماثيل يرجع تاريخها إلى القرن الثامن عشر الميلادي.
إليك أقسام متحف اللوفر في باريس:
1. الآثار المصرية
يضمُّ هذا القسم أكثر من 50,000 قطعة فنية وأثرية، وتغطي المجموعة حقبات مصر القديمة والمملكة الوسطى والجديدة والفترات القبطية والرومانية والبطلمية والبيزنطية، ويحتوي على أكثر من 20 حجرة تضمُّ مومياءات وأدوات وملابس وحلي ومجوهرات وألعاب وأدوات موسيقية وأسلحة، وأبرز معروضاته تشمل “سفينكس تانيس” الكاتب الجالس، وتمثال “أمنمحات عنخ”، وتمثال “الآلهة نفتيس”، وتمثال “حتحور”.
2. الآثار اليونانية والرومانية
يحتوي على مجموعة متنوعة من التماثيل، والنقوش، والأواني، وغيرها من القطع الفنية التي تبين فن وحضارة اليونان وروما القديمة.
3. الآثار الشرقية
يشمل القطع الأثرية من حضارات الشرق الأدنى القديم، مثل السومرية، والبابلية، والآشورية، والفارسية.
4. الفن الإسلامي
يعرض الفن والعمارة الإسلامية من مناطق مختلفة تشمل الأندلس وشمال إفريقيا والشرق الأوسط، ويضمُّ السجَّاد، والخزف، والمخطوطات، والزجاجيات.
5. اللوحات
يتضمَّن هذا القسم مجموعة هائلة من اللوحات الأوروبية، بدءاً من العصور الوسطى وحتى القرن التاسع عشر، ومن ذلك أعمال لفنانين عظماء مثل “ليوناردو دافنشي”، و”رفائيل”، و”تيتيان”، و”رمبرانت”.
6. التماثيل
يحتوي على مجموعة متنوعة من التماثيل من مختلف العصور، بدءاً من العصور القديمة وحتى القرن التاسع عشر، مع أعمال لـ “مايكل أنجلو” و”ودون”.
7. الفنون الزخرفية
يعرض الأثاث، والمجوهرات، والسيراميك، والمفروشات، والأقمشة، التي تعود إلى العصور الوسطى وحتى القرن التاسع عشر.
8. الآثار الفرنسية
يركِّز على الفن والآثار الفرنسية، مثل اللوحات، والتماثيل، والأثاث، والأعمال الزخرفية التي تُظهر التاريخ والثقافة الفرنسية.
9. فنانون عالميون
يحتوي على أعمال فنية لفنانين عالميين عبر مختلف العصور، وهذا يتيح للزوار استكشاف تطور الفن عبر التاريخ.
لوحات متحف اللوفر في باريس
يحتوي متحف اللوفر على مجموعة من أروع اللوحات في تاريخ الفن، ويبلغ عددها أكثر من 7500 لوحة، وتغطي الفترة من القرن الثالث عشر حتى منتصف القرن التاسع عشر، ويعود ثلث هذه اللوحات لفنانين فرنسيين وأوروبيين، وثلث من أعمال الرسامين الإيطاليين.
إليك أشهر 20 لوحة في متحف اللوفر:
- الموناليزا- “ليوناردو دا فينشي”.
- الحرية تقود الشعب- “يوجين ديلاكروا”.
- عرس في قانا- “باولو فيرونيزي”.
- تتويج نابليون- “جاك لوي دافيد”.
- طوافة الميدوسا- “تيودور جيريكو”.
- أفينيون بييتا- “إنجيجراند كوارتون”.
- العذراء والطفل مع القديسة آن- “ليوناردو دا فينشي”.
- القديس يوحنا المعمدان- “ليوناردو دا فينشي”.
- عذراء الصخور- “ليوناردو دا فينشي”.
- الثور المذبوح– “رامبرانت”.
- المنجم- “كاسبر ديفيد فريدريك”.
- شجرة الغربان– “رامبرانت”.
- ذا ليس ميكر- “يوهانس فيرمير”.
- الملك جان لو بون- فنَّان من المدرسة الفرنسية.
- العشاء عند إيما- “دييغو فيلاثكيث”.
- العراف– “كارافاجيو”.
- وفاة العذراء– “كارافاجيو”.
- عبادة المجوس- “جيوفاني بيلليني”.
- مشهد من البحر- “جوزيف فيرنر”.
- بورتريه لويز أوف ماسيرنيس- “نيكولا دي لارجيليير”.
رسالة متحف اللوفر إلى العالم
تتمحور رسالة متحف اللوفر حول حفظ وتعزيز المعرفة الفنية والتاريخية والثقافية للأجيال الحاضرة والمستقبلية.
في الختام
يُعدُّ متحف اللوفر في باريس رمزاً عالمياً للثقافة والفن والتاريخ، ويجذب ملايين الزوَّار من جميع أنحاء العالم؛ بفضل مجموعته الرائعة والمتنوعة التي تمتدُّ عبر العصور والحضارات، ويسهم المتحف إسهاماً كبيراً في الحفاظ على التراث الثقافي وتعزيزه من خلال معارضه الدائمة والمؤقتة، وبرامجه التعليمية والبحثية، ويواصل اللوفر دوره الريادي في دمج التكنولوجيا؛ لتعزيز تجربة الزوار، وهذا يجعله مؤسسة ثقافية ديناميكية تجمع بين الأصالة والحداثة، وزيارته هي رحلة عبر الزمن يستكشف فيها الإنسان وإبداعاته.