قناة السويس شريان التجارة العالمي
سنتعرَّف في هذا المقال إلى أبرز المعلومات عن قناة السويس، ودورها المحوري في التجارة العالمية، فتابع معنا.
معلومات عن قناة السويس
إليكم أهمُّ المعلومات عن قناة السويس المائية:
موقع قناة السويس
تقع قناة السويس في جمهورية مصر العربية، وتحدُّها من الشمال مدينة “بور سعيد”، ومن الجنوب مدينة “السويس”، ويوجد في الجهة الغربية من قناة السويس “الدلتا المنخفض” لنهر النيل، وفي الجهة الشرقية “شبه جزيرة سيناء العليا”، وهي ممرٌّ مائي يربط البحرين الأبيض المتوسط والأحمر مع بعضهما مباشرة، وتسمح هذه القناة للسفن والنواقل البحرية بالعبور، والتنقُّل بين أوروبا ودول شرق آسيا دون الحاجة للمرور بالأراضي والحدود الإفريقية، وهي أقصر الطرق البحرية الموجودة في الوطن العربي، وحول المحيط الهندي، وغرب المحيط الهادئ.
حفر قناة السويس
بدأت فكرة حفر قناة السويس فعليَّاً عام 1798 مع قدوم الحفلة الفرنسية بقيادة “نابليون” إلى مصر، ولكنَّ هذه الفكرة لم يحالفها النجاح لأسباب كثيرة، والجدير بالذكر أنَّ كثيراً من ملوك الفراعنة قد حاولوا شقَّ هذه القناة مسبقاً، ولكن لم يتمكَّنوا؛ بسبب عدم توفُّر المعدَّات اللازمة، وسوء التخطيط.
أقنعَ “فرديناند دي لسبس” في عام 1854 “محمد سعيد” بفكرة حفر القناة، وحصل “سعيد” على موافقة الباب العالي العثماني على الفكرة، والذي منحَ الشركة الفرنسية امتيازات لحفر واستثمار القناة لمدة 99 عاماً، واستمرَّ العمل في حفر القناة مدة 10أعوام، بدءاً من عام 1895، وقد ساهم في عملية الحفر مليون رجل مصري، مات منهم في أثناء عملية الحفر ما يزيد عن 120 ألف عامل؛ بسبب الأمراض التي انتشرت، والجوع، والعطش، والتعب الشديد، وافتُتِحَت قناة السويس رسمياً عام 1869 بحفل كبير وميزانيَّة ضخمة.
عرض وطول وعمق قناة السويس
تضمُّ قناة السويس منفذين، شمالي يبلغ طوله 22 كيلو متراً، وجنوبي يمتدُّ بطول 9 كيلومترات، وهذا يجعلها تمتدُّ من الجنوب مروراً بـ “برزخ السويس” وحتى الشمال، إضافة إلى عبورها بعدد من البحيرات مثل بحيرة “التمساح”، و”المنزلة”، وبحيرات “المُرَّة العظمى والصغرى”، ويبلغ طول قناة السويس في الوقت الحالي حوالي 193 كم بدءاً من ميناء بورسعيد وحتى مدينة السويس، وتُعدُّ الآن أطول ممرٍّ مائي في العالم كله، فهي أطول من “قناة كيل” التي تربط بين بحر البلطيق وبحر الشمال، وكذلك أطول من “قناة بنما” التي تربط بين البحر الكاريبي والمحيط الهادئ.
شهدت قناة السويس عدة عمليات توسُّع وحفر؛ بسبب دورها الملاحي العظيم، والإقبال الكبير عليها، فانتقل طولها من 164 كم إلى 193 كم، وتغيَّر عمقها إلى 24 كم حالياً بعد أن كان 8 أمتار فقط، وأصبح عرضها 205 م بعد أن كان 52 م، وشهدت قناة السويس عدَّة توسيعات غيَّرت من حجمها؛ بسبب أهمية وظيفتها الملاحية، والإقبال المتزايد عليها، فانتقل طولها الأصلي من 164 كم إلى 193 كم، وعمقها من 8 أمتار إلى 24 م، وزاد عرضها من 52 م إلى 205 م.
سبب تسمية قناة السويس بهذا الاسم
تقول الروايات إنَّ سبب تسمية قناة السويس بهذا الاسم؛ بسبب موقعها القريب من “برزخ السويس” الذي تعبره قناة السويس، ولكن يرى بعض المؤرِّخين أنَّ تسميتها تعود إلى مدينة “السويس” التي تقع في جنوب هذه القناة، وسُمِّيَت بهذا الاسم أيضاً؛ لأنَّ أوَّل عمليات حفر وإنشاء للقناة بدأت من تلك المنطقة، ويرجح الأغلبية أنَّ اسمها جاء من “برزخ السويس” وليس من مدينة “السويس”.
أهمية قناة السويس
تُعدُّ قناة السويس القلب النابض لحركة التجارة والملاحة والنقل البحري، وهي أكثر الطرق البحرية ازدحاماً في أنحاء العالم.
سنذكر بعض النقاط التي توضح أهمية قناة السويس:
- تتميَّز بموقعٍ جغرافي جعلها أهم معبر ملاحي استراتيجي عالمي، فهي تختصر المسارات والطرق التجارية البحرية بين قارتي أوروبا وآسيا، دون الحاجة للمرور بالطرق الصعبة والخطيرة جنوب إفريقيا، ولا سيما طريق “رأس الرجاء الصالح”.
- يستقطب مجرى قناة السويس المائي أكثر من ثلث السفن التجارية والعسكرية العالمية سنوياً، وتعتمد أكثر من 12٪ من حركة التجارة العالمية على القناة.
- يصل معبر قناة السويس الشرق بالغرب، وهو المصدر التجاري الأهم الذي يضخُّ كثيراً من الأموال في شرايين الاقتصاد المصري، كما تُعدُّ مكسباً اقتصادياً لكثير من الدول؛ فهي ممرٌّ أساسي لبواخرها وسفنها.
- تعتمد مصر اعتماداً كبيراً على قناة السويس؛ كونها المصدر الأهم والرئيس لملء خزينة الدولة بالعملات الأجنبية.
- تشكِّل قناة السويس المورد الثالث لمصر من حيث القيمة حسب آخر الإحصاءات، وذلك من خلال تحويلات المصريين، إضافة إلى الصادرات السلعية والغذائية.
- تكاد تكون نسبة الحوادث بالقناة شبه معدومة مقارنة بالقنوات العالمية الأخرى.
- إنَّ أهم ما يبرز أهمية القناة أنَّ حركة الملاحة فيها تجري طوال اليوم.
- يستوعب ممرُّ السويس مرور حاملات النفط الخام بحمولات متوسطة وضخمة، وكذلك السفن الفارغة.
إيرادات قناة السويس
ارتفعت إيرادات قناة السويس بعد التطوير الأخير الذي حدث خلال السنوات الخمس (2016-2020) إلى 32 مليار جنيه مصري “442 مليون دولار أمريكي” بحسب ما أعلنت عنه الشركات الرسمية المصرية، وقُدِّرت قيمة الإيرادات المالية لها للعام المالي (2020/2021) بحوالي 5.840 مليار دولار أمريكي، كما بلغت إيراداتها خلال العام المالي (2022/2023) حوالي 9.4 مليار دولار أمريكي، وما يزال معدَّل الإيرادات يرتفع؛ نتيجة الإقبال الكبير عليها.
تتمتَّع قناة السويس بأهمية كبيرة في إيرادات مصر الاقتصادية، وما تزال هيئة القناة تتقاسم مع هيئة البترول فائض الإيرادات المحقَّق من الهيئات الاقتصادية، إضافة لذلك فإنَّها تدفع للحكومة المصرية ما يقارب 40% من أرباحها السنوية.
تأميم قناة السويس
أمَّمَ الرئيس المصري الراحل “جمال عبد الناصر” – قبيل الوحدة بين سوريا ومصر – قناة السويس، وافتُتِحَت من جديد في يوليو/ تموز عام 1956، وهذا ما سبَّب استياء وسخط الدول الأوروبية؛ كونها تستفيد منها عسكرياً واقتصادياً، وتطوَّر الخلاف بين الطرفيين، فأعلنت كل من بريطانيا وفرنسا بمشاركة إسرائيل الحربَ على مصر من خلال العدوان الثلاثي، ولاقى هذا العدوان ردَّاً شعبيَّاً عنيفاً، ومواجهة قاسية من الشعب المصري، وانتهى هذا العدوان بعد قرار دولي وضغط عالمي.
أُغلِقَت قناة السويس لأكثر من 8 سنوات؛ بسبب حرب 1967، وافتتح الرئيس “أنور السادات” القناة من جديد عام 1975 بعد فض الاشتباك، ونهاية الحرب بين إسرائيل ومصر، ثمَّ شهدت قناة السويس العديد من عمليات التوسيع والتطوير، بدءاً من عام 1980 وحتى عام 2015.
رسوم عبور قناة السويس
تحدِّد الهيئة العامة لإدارة قناة السويس الرسوم على السفن والبواخر وناقلات النفط والمشتقات النفطية والكيميائية حسب نوعيَّة المواد التي تنقلها، وقد فرضت زيادة على الرسوم على الناقلات السابقة بمقدار 15٪ بدءاً من كانون الثاني للعام الحالي، وكذلك زيادة بمقدار 5٪ على سفن البضائع العامَّة، والسفن التي تنقل المواد الصلبة والجافَّة.
تُقدَّر رسوم عبور ناقلة كبيرة في اتجاه واحد من قناة السويس بين 350 و380 ألف دولار أمريكي، بحسب ما نقلته شركة “Gibson Shipbrokers”، كما ارتفعت تكاليف عبور ناقلات النفط إلى ما يزيد عن 100 ألف دولار أمريكي في اليوم الواحد.
مشروع ازدواج قناة السويس
صدر الإعلان الرسمي لمشروع ازدواج قناة السويس من رئيس هيئة قناة السويس، ومن المتوقَّع أن يرفع هذا المشروع نسبة أمان عبور السفن والنواقل البحرية، ويحقِّق المكاسب المادية لمصر.
تدور عدة أسئلة حول هذا المشروع، ومن أهمها:
- ما هي الجدوى الاقتصادية منه؟
- ما هي إمكانية تنفيذ المشروع؟
- ما هي المخاطر الاستراتيجية على المنطقة التي يسببها؟
- ما هي المخاطر الاقتصادية على مصر، ولا سيَّما مع التوتر والديون المترتبة عليه؟
يتَّضح أنَّه مشروع مثير للجدل حقاً، والغاية الأساسية منه ازدواج طريق قناة السويس ازدواجاً كلياً من الشمال إلى الجنوب، وبحسب ما قاله المحللون والخبراء، فإنَّ مشروع ازدواج قناة السويس سيرفع من تصنيف القناة العالمي، وسيزيد من قدرتها الاستيعابية؛ لاستقبال كافة السفن، ونواقل الشحن بمختلف الفئات.
يقول رئيس هيئة قناة السويس الفريق “أسامة ربيع”: “توجد مسافة تُقدَّر بـ 80 كم تقريباً بالقناة لا يوجد بها ازدواج، وتتوزَّع بواقع فعلي 50 كم في الشمال و30 كم في الجنوب، وتُدرَس الآن الجدوى الاقتصادية والسياسية الفعلية للقناة بشأن المشروع الجديد، وتُشير التوقُّعات إلى ارتفاع معدَّل أمان مرور السفن البحرية لتحقِّق نسبة 100%، وستمتد فترة دراسة المشروع لـ 16 شهر؛ لتُدرَس كافة حيثيات المشروع الاقتصادية والبيئية، والجدوى المنتظرة منه”.
في الختام
إنَّ مشروع قناة السويس هو أهمُّ حدث في تاريخ التجارة والنقل البحري.