السفر والصحة

موسيقى، ضحك، وهوية: سحر فيلم Victor/Victoria الكلاسيكي


عندما نتحدث عن الأفلام الموسيقية التي نجحت في المزج بين الكوميديا والرومانسية والتعليق الاجتماعي، يبقى فيلم Victor/Victoria (1982) واحداً من أبرز الأمثلة. أخرجه بليك إدواردز وقامت ببطولته الأسطورة جولي آندروز، ليصبح فيلماً ساحراً وجريئاً يستكشف قضايا الهوية الجندرية، والأدوار الاجتماعية، وقوة الأداء الفني. حتى بعد مرور أربعة عقود على صدوره، لا يزال يحظى بجاذبية كبيرة بفضل روح الدعابة والإبداع والجرأة في طرح موضوعاته.

قصة فيلم Victor/Victoria (1982)

تدور أحداث الفيلم في باريس خلال ثلاثينيات القرن العشرين، تلك الفترة المليئة بالبريق والاضطرابات في أوروبا. تلعب جولي آندروز دور فيكتوريا غرانت، مغنية سوبرانو تكافح من أجل إيجاد عمل وتعيش في فقر شديد. وفي خضم محاولاتها للبقاء، تلتقي بالمغني الكاباريه المثلي كارول تود المعروف باسم “تودي” (ويجسده روبرت بريستون).

يخطط تودي لخطة جريئة: أن تتظاهر فيكتوريا بأنها رجل يُدعى الكونت فيكتور غرازينسكي، والذي بدوره يتقمص دور امرأة على المسرح. أي أنها امرأة تتظاهر بأنها رجل يتظاهر بأنه امرأة! هذه الفكرة الغريبة سرعان ما تجعلها نجمة الكاباريه الأولى في باريس، وتجذب الأنظار بموهبتها المذهلة.

لكن الأحداث تزداد تعقيداً عندما تجذب انتباه كينغ مارشاند (الذي يلعب دوره جيمس غارنر)، وهو صاحب نادٍ ليلي من شيكاغو. يبدأ كينغ بالانجذاب إلى “فيكتور” ويقع في حيرة، معتقداً أنه قد يحب رجلاً. ومن هنا تنشأ مواقف كوميدية ودرامية تمتحن حدود الحب، والهوية، ونظرة المجتمع الصارمة للجندر والجنس.

الأبطال والشخصيات

تميز الفيلم بتجسيد رائع للشخصيات من خلال طاقم تمثيلي بارع:

  • جولي آندروز (فيكتوريا غرانت / فيكتور غرازينسكي): أيقونة السينما العالمية بفضل أدوارها في Mary Poppins وThe Sound of Music، أظهرت في هذا الفيلم قدراتها الكوميدية والغنائية والدرامية بشكل استثنائي.
  • جيمس غارنر (كينغ مارشاند): لعب دور الرجل القوي الذي يعيش صراعاً داخلياً بين مشاعره وتقاليد المجتمع.
  • روبرت بريستون (تودي): قدم شخصية مثلي الجنس بروح مرحة وإنسانية غير مسبوقة في ذلك الزمن، مما جعله يكسر الصور النمطية السائدة في هوليوود.
  • ليزلي آن وارن (نورما كاسيدي): صديقة كينغ الغيورة والصاخبة، التي أضافت للفيلم جرعة كوميدية استثنائية وحصلت على ترشيح لجائزة الأوسكار كأفضل ممثلة مساعدة.
  • أليكس كاراس (سكواش بيرنشتاين): الحارس الشخصي لكينغ، الذي أضاف عنصر المفاجأة والكوميديا مع تطور شخصيته.

الإخراج والإنتاج

قام بليك إدواردز بإخراج الفيلم، وهو مخرج بارع اشتهر بأعمال مثل Breakfast at Tiffany’s وسلسلة The Pink Panther. كعادته، مزج بين الكوميديا الذكية، والرومانسية، والمواقف الإنسانية المؤثرة.

الفيلم مأخوذ عن نسخة ألمانية قديمة تعود لعام 1933 بعنوان Victor and Victoria. لكن إدواردز أعاد صياغتها بما يتناسب مع العصر الحديث، مضيفاً لمسة هوليوودية مع أفكار جريئة.

الديكور والأزياء لعبا دوراً محورياً في نقل أجواء باريس في الثلاثينيات، حيث تميزت الأزياء المصممة من قبل باتريشيا نوريس بالجرأة والإبداع، خاصة في إبراز الهوية المزدوجة لفيكتوريا/فيكتور.

الموسيقى والأغاني

الموسيقى كانت القلب النابض للفيلم، حيث وضعها الملحن هنري مانشيني، صاحب ألحان خالدة مثل Moon River وThe Pink Panther Theme. كتب كلمات الأغاني ليزلي بريكوس.

من أبرز الأغاني التي لا تُنسى:

  • Le Jazz Hot – العرض الناري الذي رسخ نجاح “فيكتور” على المسرح.
  • You and Me – دويتو عاطفي بين فيكتوريا وتودي يبرز صداقتهما الفريدة.
  • Crazy World – أغنية تعكس معاناة فيكتوريا وأحلامها.

الموسيقى مزيج رائع من الجاز والكاباريه وأجواء برودواي، لتجعل الفيلم أكثر حيوية وسحراً.

الجوائز والتكريمات

حصد الفيلم إشادة واسعة وترشيحات عديدة:

  • الأوسكار: 7 ترشيحات منها أفضل ممثلة (جولي آندروز)، أفضل ممثل مساعد (روبرت بريستون)، أفضل ممثلة مساعدة (ليزلي آن وارن)، وأفضل سيناريو مقتبس. فاز بجائزة أفضل موسيقى أصلية (هنري مانشيني وليزلي بريكوس).
  • الغولدن غلوب: فازت جولي آندروز بجائزة أفضل ممثلة في فيلم كوميدي أو موسيقي.
  • كما لا يزال يُحتفى به في المهرجانات واستعادات السينما الكلاسيكية.

أوبنهايمر -Oppenheimer: اقرا ايضا نظرة متعمقة على تحفة كريستوفر نولان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى