سياحة و سفر

لوح الويجا بين التأثير النفسي والخوارق


سنتعرف إلى الجوانب الرئيسة لظاهرة لوح الويجا، والتأثيرات النفسية والخوارق، والعوامل النفسية مثل تأثير الأيديوموتور والتلميح والخوف التي تساهم في تجارب جلسات لوح الويجا وتفسيراتها.

أصل لوح الويجا:

أصل لوح الويجا الدقيق غير معروف، وتعود الأشياء المشابهة للوح الويجا إلى عام 551 قبل الميلاد في الصين القديمة؛ إذ كانت لوحات الأرواح أشياء شائعة يستخدمها الناس للتواصل مع الأموات، ويُزعم أنَّ فيثاغورس استخدم لوحات الحديث لتعزيز دراسته و”اكتشاف الكشوف من عالم غير مرئي”، ولوحات الحديث لها أيضاً صلات بالرومان القدماء؛ إذ استخدم شخصان لوح الويجا للتنبؤ بخلف العاهِل، وحاكمهم بتهمة الخيانة وأُعدما في النهاية.

ما هو لوح الويجا؟

لوح الويجا الحديث غالباً ما يحتوي على قوسين من الأحرف إضافة إلى خط مستقيم من الأرقام، وهذا هو الإعداد الكلاسيكي للوح الويجا وتتبعه معظم النماذج قد متفاوتة قليلاً فقط، وتشمل الجوانب الهامة في الويجا مناطق تحتوي على كلمات “نعم” و”لا” و”وداعاً”، وهذه المناطق تسمح بتجربة ويجا أكثر سلاسة وتوفيراً للوقت.

كانت الإصدارات البيتية والروحية القديمة للوحات الحديث تُسمى لوحات الأقراص وشائعة خلال الحركة الروحانية، وبدلاً من أن تكون مستطيلة، تكون اللوحة دائرية؛ إذ تحيط الأحرف والأرقام باللوحة دائرياً.

التأثيرات النفسية للوح الويجا:

1. تأثير الأيديوموتور:

يؤدي تأثير الأيديوموتور دوراً كبيراً في جلسات لوح الويجا، ويشير إلى الحركات العضلية اللاواعية التي تحدث دون نية متعمدة، وعندما يضع المشاركون أيديهم برفق على لوح الرسوم، يمكن أن تتسبَّب الحركات الخفيفة التي يدفعها العقل اللاواعي في تحريك اللوح، ويساعد فهم تأثير الأيديوموتور على تفسير التواصل المظهري مع الأرواح؛ إذ تكون الحركات غير مقصودة وغالباً ما يُنسب سببها إلى قوى خارجية.

2. دور التلميح والتوقع:

يؤدي التلميح والتوقع دوراً قوياً في تجارب لوح الويجا، وتشكِّل المعتقدات المسبقة والتوقعات لدى المشاركين تفسيراتهم لحركات اللوح والرسائل، وإذا توقع شخص ما التواصل مع شخص عزيز متوفى، فقد يفسر الحركات الغامضة أو الرسائل على أنَّها تواصل مع تلك الروح الخاصة، ويمكن أن يؤثِّر التلميح، سواء أكان من الآخرين أم من تصوير وسائل الإعلام الشهيرة، في تفسير ردود لوح الويجا، وهذا يؤدي إلى زيادة الشعور بالاتصال بالعالم الخارق.

3. العوامل النفسية التي تسهم في الخوف والقلق:

تثير جلسات لوح الويجا غالباً الخوف والقلق بين المشاركين، ويمكن أن يتسبَّب الخوف من المجهول والاحتمالية المتعلقة بالتواصل مع كائنات شريرة في تضخيم هذه الجلسات، إضافة إلى ذلك، يساهم الارتباط الثقافي للوح الويجا بالظواهر الخارقة والخرافات في الشعور بالتوتر، ويمكن أن تزيد العوامل النفسية مثل القابلية للتأثر والحالات العاطفية من هذه المشاعر، وهذا يؤثِّر في التجربة العامة وتصورات المشاركين لتأثيرات اللوح.

التأثيرات الخارقة للوح الويجا:

للتأثيرات الخارقة للوح الويجا ارتباطات عدة منها:

1. الارتباطات التاريخية:

للوح الويجا روابط قوية بالروحانية، وهي حركة اكتسبت شعبية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وكان الروحانيون يظنون في القدرة على التواصل مع الأرواح، وأصبح لوح الويجا أداة لتسهيل هذه التفاعلات، ويوفِّر السياق التاريخي للروحانية وارتباطها بلوح الويجا إطاراً لفهم الاعتقاد في التأثيرات الخارقة، ويُرجع أفراد عديدون حركة اللوح إلى تواصل حقيقي مع الأرواح، متماشين مع معتقداتهم الروحية والميتافيزيقية.

2. الأدلة الشخصية والتجارب الشخصية:

تروي حكايات شخصية عديدة تجارب استثنائية خلال جلسات لوح الويجا، وهذا يشير إلى وجود تأثيرات خارقة، وتصف هذه القصص غالباً ظواهر غير مفسرة، مثل المعرفة الدقيقة بتفاصيل محددة أو التنبؤات، والرسائل من الأشخاص المتوفين أو لقاءات مع كائنات من عوالم أخرى.

تساهم التجارب الشخصية التي يرويها الأفراد الذين يدَّعون أنَّهم شهدوا مثل هذه الأحداث في تعزيز الاعتقاد في القدرات الخارقة للوح الويجا، وهذا يؤكد فكرة أنَّه يعمل بصفته وسيطاً إلى عالم الأرواح.

3. الشك العلمي والتفسيرات البديلة:

مع وجود الأدلة الشخصية، فإنَّ الظواهر الخارقة المرتبطة بلوح الويجا تواجه شكوكاً علمية، ويقول المشككون إنَّ الظواهر الملاحظة خلال جلسات لوح الويجا يمكن تفسيرها بعوامل طبيعية غير خارقة، ويقترحون تفسيرات بديلة، مثل التأثير اللاواعي للمشاركين في حركات اللوح، أو احتمالية استجابات إيديوموتور غير واعية، أو تشغيل تحيز التأكيد؛ إذ يفسرون أو يتذكرون المعلومات بطريقة تدعم معتقداتهم السابقة، وتثير هذه التفسيرات البديلة التحدي لفكرة التأثيرات الخارقة وتسلط الضوء على الحاجة إلى التحليل النقدي والتحقيق العلمي.

المقارنة والتداخل بين التأثيرات النفسية والخارقة:

1. تداخل العوامل النفسية والخارقة:

لا تكون التأثيرات النفسية والخارقة للوح الويجا متنافرة؛ بل غالباً ما تتداخل، ويمكن للعوامل النفسية مثل القابلية للتأثر والتوجيه والخوف أن تسهم في الاعتقاد بالتجارب الخارقة، وبالمثل يمكن أن تعزِّز المعتقدات الخارقة التأثيرات النفسية، وهذا يزيد من عاطفة المشاركين ويؤثِّر في تفسيراتهم لحركات اللوح، والتداخل بين هذه العوامل يوضح الطبيعة المعقدة لجلسات لوح الويجا والعلاقة الديناميكية بين الجوانب النفسية والخارقة.

2. تأثير العوامل الثقافية والاجتماعية:

تؤثِّر العوامل الثقافية والاجتماعية تأثيراً كبيراً في تفسيرات تجارب لوح الويجا، وتؤثِّر المعتقدات والخرافات والمعايير الثقافية المتعلقة بالخوارق في كيفية تصور الأفراد وإلحاق معانٍ بردود اللوح، ويوفِّر السياق الثقافي إطاراً يستطيع الأشخاص من خلاله تفسير تجاربهم وتأكيد أو تحدي التأثيرات النفسية والخارقة، ويمكن أن ينتج عن المعتقدات المشتركة داخل المجتمع واقعاً مشتركاً يؤثِّر في تجارب الفرد ويشكِّل الإدراك العام لظاهرة لوح الويجا.

3. الجدل المستمر والأسئلة غير المحلولة:

تظل التأثيرات النفسية والخارقة للوح الويجا موضوع جدل مستمر، ويُعدُّ المشككون أنَّ التفسيرات النفسية والأدلة العلمية تدحض الظواهر الخارقة، بينما يظن المؤمنون، من ناحية أخرى أنَّ تجاربهم الشخصية توفِّر أدلة مقنعة على التفاعلات الخارقة الحقيقية، ويسلط هذا الجدل المستمر الضوءَ على التعقيد والغموض المحيط بظاهرة لوح الويجا.

توجد أسئلة عدة دون إجابة حتى الآن، مثل طبيعة التجارب ودور التفسير الذاتي وإمكانية التحقق الموضوعي، تتطلب مزيداً من الاستكشاف والبحث للحصول على فهم أعمق للتداخل بين التأثيرات النفسية والخارقة في جلسات لوح الويجا.

الدين ولوح الويجا:

كان المسيحيون الأصوليون يرون أنَّ لوح الويجا هو أداة للشيطان، ويُنظر إلى استخدام لوح الويجا على أنَّه مهاجمة لله من خلال الإساءة إلى خليقته وقدراته، وظنوا أنَّ الأشخاص الذين يستخدمونها يعرضون أنفسهم لخطر كبير.

لوح الويجا مجرد آلة أم أداة خطيرة:

زعمت دائرة الإيرادات الداخلية في عام 1920م أنَّ لوح الويجا كان لعبة وأنَّها في هذه الحالة، كانت خاضعة للضريبة، و”تُباع بكثرة مع توقع أنَّها تستخدم فقط بصفتها وسيلة للتسلية أو اللعب الاجتماعي”، وجاء IRS إلى ولايته القضائية بناءً على نجاح اللوحة؛ لتوفرها في متاجر الألعاب، لكن ماذا عن مخاطر الأدوات النفسية غير المنظمة؟

لقد أصدرت Parker Brothers بياناً زعمت فيه أنَّ “وجهة نظرنا هي أنَّ اللوح محايد وأنَّ أية قوة يمكن التعبير عنها من خلاله تأتي من اللاعبين”، ومع ذلك يختلف الروحانيون مع مصلحة الضرائب الأمريكية وباركر براذرز.

إعلان لوح الويجا:

غالباً ما يُعلن عن مجالس الويجا مع جمهور مستهدف من الفتيات، ويسمح لوح Ouija بالتحول عن حياة المراهقين ويعطي المستخدم إحساساً بالتمرد، وأصبحت الرسائل السرية والبيانات الحميمة من طقوس التمرد، وتميل دوائر الويجا إلى الظهور في مهاجع الكلية، وغالباً ما تكون مجموعة الشابات على رأسها، ويُزعم أنَّ هؤلاء النساء يعدن عن غير وعي دور الوسيط الروحي الذي احتلته النساء في القرن التاسع عشر، وتدعي لعبة الويجا أنَّها وسيلة للشابات للتغلب على مخاوفهن.

في الختام:

لقد اكتشفنا التأثيرات النفسية والخارقة المرتبطة بلوح الويجا، واكتشفنا تأثير الأيديوموتور، والتوجيه والخوف بصفتها عوامل نفسية تسهم في تجارب لوح الويجا، إضافة إلى ذلك ناقشنا السياق التاريخي والأدلة الشخصية والمعتقدات الروحية التي تسهم في الاعتقاد بالتأثيرات الخارقة، وأبرزنا أيضاً التداخل بين العوامل النفسية والخارقة، مؤكدين التداخل وتعقيد هذه الظواهر.

التداخل بين التأثيرات النفسية والخارقة للوح الويجا هو ظاهرة رائعة ومعقدة، بينما تؤدي العوامل النفسية مثل التوجيه والحركات غير الواعية دوراً كبيراً في تشكيل التجارب، ولا يمكن تجاهل الاعتقاد بالتفاعلات الخارقة الحقيقية تجاهلاً كاملاً، ويعيش لوح الويجا ضمن سياق ثقافي واجتماعي أوسع؛ إذ تؤثِّر المعتقدات والمعايير في التفسيرات، ومن الهام أن ننظر إلى هذا الموضوع بعقل مفتوح، معترفين بالطابع الذاتي للتجارب والجدل المستمر حول صحتها.

ما زال لوح الويجا يثير فضول الأفراد حول العالم، لتعميق فهمنا للتأثيرات النفسية والخارقة، ومن الضروري إجراء مزيد من الاكتشاف والبحث، ويمكن للدراسات التجريبية أن تبحث في الآليات وراء الأيديوموتور وتأثيره المحدد في جلسات لوح الويجا.

يمكن للبحث النوعي أن يستكشف التجارب الشخصية وروايات للمشاركين لاستخلاص أفكار عن الجوانب الذاتية لهذه اللقاءات، إضافة إلى ذلك يمكن للنهج متعدد التخصصات الذي يجمع بين علم النفس وعلم الأعصاب والأنثروبولوجيا وعلم الظواهر الخارقة أن يسلط الضوء على التداخل بين الظواهر النفسية والخارقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى